
إنه الانشغال الكبير بعديم التأثير، وإفناء الأوقات والجهود فيما لا طائل من ورائه، فليس في معرفة رؤساء الدول، وأحزابهم، ومعارضيهم، ووقائع بلدانهم، وتداعيات الأحداث المختلفة عليهم، ومواقفهم من الغير، ليس في ذلك كله ثمرة فعلية على المرء في دينه ولا دنياه، ولو أنه صرف ذلك الوقت الكثير في عمل دنيوي مثمر، أو تعلم مهارة نافعة، أو تعلم علم من العلوم المختلفة، أو في عمل صالح، لأحدث أثراً واضحاً، وحقق فائدة كبرى.
ولقد عرفت جملة من كبار السن الذين اتخذوا من سماع نشرات الأخبار في الـ بي بي سي عادة ثابتة، وكان جهاز الراديو رفيقهم في حلهم وترحالهم، يحفظون تفاصيل الأخبار، وأسماء المراسلين، ويعرفون المذيعين من أصواتهم، تقلقهم الأخبار وتقض مضاجعهم، وتصيبهم بالأسى والحزن، ومع ذلك هم مقيمون على هذه العادة عقوداً، ولم تنفعهم تلك المعرفة بشيء قط.
ولو راجعت مواقعك المفضلة، وحسابك في “تويتر” – على سبيل المثال – لوجدت نفسك متابعاً لعشرات المواقع الإخبارية والوكالات العالمية؛ مما يكدر نتاجها صفوك، ويذهب كلامها وقتك.
وما أجمل أن تحزم أمرك، وتحدد اهتماماتك، ثم تقوم بحذف كل تلك المصادر جملة وتفصيلاً، وتحجب عن ناظريك مواقع الأخبار.. غثّها وسمينها، محليها وعالميها، ثم تركّز في متابعاتك على مجال عملك أو هواياتك أو مهاراتك العملية، فتقرأ وتشاهد وتستمع، فإذا بالساعات تمضي في عمل مبارك، وإذا بك تقضي أطيب أوقاتك في أفضل أعمالك.
وحينها يحدث الأثر، ويعظم التأثير، فهلم إلى جملة الهاجرين لنشرات الأخبار، الذاهبين إلى حيث السكون والهدوء والاستقرار، وإلى العلم المفيد والعمل المؤثر.
دمتم بخير
محمد بن سعد العوشن
تم النشر في صحيفة تواصل هـــنـــا
0 التعليقات:
إرسال تعليق