نوفمبر 26, 2020

تمنيت زيادة دخلي الف ريال، فرزقني الله من حيث لا احتسب | الرزيحي

قصة قصيرة يرويها الزميل (سلطان الرزيحي ) حفظه الله وبارك له :
قبل اكثر من ٢٥ عاما كان لدي زوجتين وبيتين واطفال ، كنت اسكن بالايجار وراتبي بسيط لايكاد يكفي هذين البيتين ، كنت اضرب اخماسا بأسداس لوضعي المزري ، ففي منتصف الشهر يكون رصيدي صفرا !
وكنت الوم نفسي على هذا المأزق الذي وضعت فيه بلا تعمد انما هي ظروف اضطررت لها وبدون تخطيط ولم اتمنى ان اكون فيها .
في ذلك الحين كان احتياجي فقط الف ريال شهريا زيادة على راتبي ليعدل ميزانية الشهر ويجعلني في بر الأمان .
لذا فكرت في مشروع اكسب من خلاله هذا الالف ، ومن هنا بدأت المغامرات والمحاولات والبحث عن الرزق الحلال . 
لم اترك بابا الا طرقته ، عملت في كل شيء ، حتى مايرميه الناس امام بيوتهم كالعجلات الخربانة والاجهزة العطلانة والأثاث الخفيف وغيرها ... فكنت اجمعها ليلا واذهب بها للحراج لبيعها بمبالغ زهيدة ، وعملت حمالا وكداداً ودلالاً، وبائعاً متجولاً بين القرى في اسواق الخميس والجمعة ومحرجاً في الحراج حتى سوق الخضار وضعت فيه رجلي بحثا عن رزق ، ودخلت معارض السيارات وبعت فيها  واشتريت ، وهربت منه فحراج السيارات في الغالب بؤرة المال الحرام ولا شك ! وقليل من يعمل فيه بذمة وضمير.

وبعد هذه السنوات وهذا الجهد ، خرجت بخفي حنين وديون لاحصر لها ! 

العجيب انه ومع خسائري وتضاعف ديوني وفشلي في الكثير من المشاريع ، الا انني كنت احيانا اغمض عيني فأرى أمامي من بعيد اكواما من النقود ، واقول في نفسي هل ما اراه حقيقي ام خيال ؟ 
لذا لم ايأس ولم يصبني احباط ، بل كان عندي يقين مؤكد بأن القادم أحلى وأجمل . 

لذا غامرت وعانيت وتعبت ، لم اكن انام الا ساعات قليلة ، فبين دوام حكومي يأخذ وقت الصباح الى العصر ، وبين دوام خاص يبدأ من العصر الى الساعة 12 تقريبا ، ارهاق وتعب ونوم قليل ...
ليس عندي مكشات ولا صداقات استراحات ولاسفريات .

ومرت سنوات والوضع لايسر ، وليس هناك بوادر انفراج ، ما اكسبه فقط يعيشني قوت يومي ولا يفي بمتطلبات الحياة .

الحياة صعبة جدا ، والأسرة تكبر ومتطلباتها تكثر ، ثم تأتيني فترات يأس وندم على وضعي وكيف اني لم أكمل دراستي الجامعية اسوة بإخوتي وزملائي ! فها أنا ادفن نفسي في وظيفة متواضعة براتب زهيد ، منتظرا عطفا من مديري المباشر ليرفع لي ترقية مستحقة وهو يؤجلها من أجل لاشيء ، انما تسلط وفوقية وحسد وعدم تقدير ، وكأنه سوف يدفع هذه الزيادة في الراتب من جيبه الخاص .

سنوات تمر فلا راتب الوظيفة يسد حاجتي ! ولا شغلي الاضافي يؤمن لي ال 1000 ريال ، أسرتي تكبر ، والتزاماتي تكبر ، وتكثر معها ديوني واغرق في بحر الديون ثم اغسل دينا بدين ، حتى تفوق ديوني دخلي واعجز عن سدادها  .
والديون ياسادة هي القيد الذي يقضي عليك وينكد عيشك ويشل تفكيرك ، فهو هم وذل !
ولأنني ولا أزكي نفسي كنت متبعاً حديث النبي صلى الله عليه وسلم (من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادى الله عنه.... الحديث) فقد كان الله عز وجل ييسر لي احيانا مخرجا لهذه الديون من حيث لا احتسب .

وكل ماحدث لي اعلاه اصبحت ذكريات ، قد تكون مؤلمة في وقتها ، ولكنها الطريق الصحيح للحياة وخوض التجارب ومعرفة ان الصبر يفتح ابواباً للفرج ، وأن مع العسر يسر ، وأن اليقين بما عند الله هو الزاد الحقيقي والدافع لتجاوز العقبات ...
تأملوا معي ( تغدوا خماصا وتعود بطانا) وهو جزء من حديث ولا اروع قاله عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي  ليحثنا على التوكل وطلب الرزق ...لو انكم تتوكلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدوا خماصا وتعود بطانا .

فإلى الحالمين بالثراء ، اسعوا واجتهدوا واطرقوا ابواب الرزق الحقيقية التي توصلكم اليه .
شراءك لكتاب كيف تكون ثريا في ٣٠ دقيقة لن يجعلك ثريا ، ودورات المخرفين الذين يأخدون الاموال بييع الكلام المعسول الغير واقعي لن تفيد .

الثراء يحتاج جهد وتعب ومثابرة وتوكل على الله ودعاء وصبر ، وتخطيط سليم وقناعة ...
واشياء مخفية بينك وبين رب العالمين .

نصيحتي انه مع الضغوط الحالية بالسوق ، وخروج الكثير من المستثمرين بخسائر فادحة ، الا ان السوق واعد وفيه فرص تحتاج فقط الى انتقاء وتفكير لاتقليد واستنساخ ...
افتتاح المقاهي ومحلات اللقيمات ومحلات الاسر المنتجة وغيرها من المشاريع المستنسخة المكررة المقلدة ، هي عبث وخسائر واستنزاف للاموال !
ابحثوا عن جديد مبتكر ... وستجدون الكثير من المشاريع المدفونة ...

نوفمبر 04, 2020

80 يوماً في صحبة الحبيب ﷺ


تمر بنا منذ الطفولة - بحمد الله - جملة من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، في المدرسة حين ندرس مواد العلوم الشرعية، وفي الجامعة في بعض المواد الشرعية، وفي المسجد حين يحّدثنا الإمام، أو يخطب بنا يوم الجمعة، وفي البرامج الإذاعية والتلفازية والمقاطع المختلفة، بالإضافة إلى اللوحات والكتب والصحف هنا وهناك.

ولذا لا عجب أن تكون جملة من تلك الأحاديث قد رسخت في أذهاننا، وحفظناها عن ظهر قلب، وباتت على ألسنتنا في مواضعها، وهذه محمدة وشرف عظيم أن يكون في جوف الواحد منا جملة من الآيات القرآنية من كلام رب العالمين، وجملة من أحاديث سيد المرسلين.

وفي يوم صيفي جميل، ومع انتهاء الحظر الكلي لجائحة كورونا دعاني أحد الزملاء للانضمام إلى برنامج متخصص لسماع و قراءة كتاب الجمع بين الصحيحين، والذي يشمل ما في صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم، وهما من أصح الكتب على الإطلاق، وذكر لي أن البرنامج يتيح خيارات متنوعة في السماع، من خلال التيلجرام، واليوتيوب، والساوند كلاود.

وأن مدة البرنامج ستكون ثمانون يوماً، حيث يتم وضع الورد المخصص لكل يوم، مع وضع يوم إجازة في كل أسبوع، لكسر الجمود، وإعطاء الفرصة للراحة وعدم الإملال.

وكنت أقول في نفسي: صحيح البخاري ومسلم موجودان في مكتبتي، وقد مرّ علي أثناء قراءاتي الشرعية الأكاديمية وغير الأكاديمية الكثير من أحاديثه صلى الله عليه وسلم، فما الجديد في هذا البرنامج؟ غير أنني استعنت بالله والتحقت، ومضيت مع صاحبي نتواصى كل يوم، ونخبر بعضنا بتحقيق الإنجاز، ثم بتنا نكتب لبعضنا عن أبرز مالفت انتباهنا في أحاديث اليوم، وكنت في كل يوم أتعجب وأنا أعيش مع المصطفى صلى الله عليه وسلم، إذ بدت لي الكثير من الأحاديث وكأنني أسمعها لأول مرة، كنت أعيش مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في السراء والضراء، في السفر وفي الإقامة، في السلم وفي الحرب، في الصحة والمرض، أعيش مع ذلك الرعيل الأول حياتهم، ومشاعرهم، وألفاظهم، وكل تفاصيلهم..

كانت أياماً من أجمل أيام العمر، ولا تعجب أن تبكي يوماً ، وتضحك بعده من جراء تلك المشاعر الجياشة التي ستشعر بها وأنت تطّلع على تلك الحياة العظيمة، وأولئك الرجال العظماء، ومسيرة سيد الخلق بكل حيثياتها.

وجاء اليوم الثمانين، لنختم تلك المسيرة الرائعة، وذلك البرنامج الرائع بحق، حيث تم اعتماد الإجازات العلمية للمشتركين الذين كانوا من كل أرجاء العالم بكل ألوانهم وجنسياتهم وأجناسهم، كانت مسيرة شارك فيها الرجال والنساء، الشباب والشيب، جمعهم حب المصطفى، والرغبة في الاستماع لأحاديثه، والاقتداء بهديه.

كانت تجربة مميزة بحق، تجربة علمية إيمانية رائعة، ألفت فيها السماع  في طريقي للعمل ذهاباً وإياباً ، وألفته في الأوقات المخصصة للمشي، حيث  أدركت بعدها كم كنت في غفلة طويلة عن استعراض هذين الجامعين وجردهما مرة بعد مرة.

ولذا فما ان انتهيت من تلك الرحلة الجميلة حتى حدثت بعض أهلي، وحثثتهم على إدراك الركب، وتعاقدت معهم على المسير، ثم  ها أنا اليوم في الورد  65 من الجمع بين الصحيحين، فلا تسل عن السعادة التي تحدوني وأنا أعيد السماع مرة أخرى.