مايو 21, 2019

فكرة خيرية (طبق شكر النعمة)


يدرك الجميع أن كثيراً من الأطعمة التي يتم طلبها أثناء تناول الوجبات في المطاعم لا تؤكل، لأن الطلب يكون غالباً أكثر من الحاجة، مما يجعل الفائض كثيراً.
ولأن المطاعم ليست الجهة المعنية بإعادة توزيع الفائض من الطعام على المحتاجين إليه، فإن "القمامة" وللأسف تكون هي المكان الذي ترمى فيه تلك الأطعمة الكثيرة، وهو ما لا يتناسب مع وجوب شكر النعمة، والامتناع عن الإسراف كما قال الله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).

وتقوم (جمعيات حفظ النعمة) بدور مشكور في إدارة ملف توزيع فائض الأطعمة من حيث المجيء للولائم والمناسبات الكبرى، والإشراف على أخذ المناسب من تلك الأطعمة، وإعادة توزيعه على المحتاجين بصورة مناسبة، غير أن فائض طعام الأفراد في المطاعم ليس مشمولاً بنشاط تلك الجمعيات، ولذا فهو مما يتم رميه غالباً!

ومن هنا فإنني أقترح – ونحن في شهر الخير والبركة - أن يتم إطلاق (المشروع الميسر للتطوع في حفظ النعمة)، وهو مشروع يعتمد على التعاون مع المطاعم ذات الإقبال الكبير، وخصوصاً مطاعم الوجبات الشعبية التي تقدم المشوي والمندي والحنيذ وأشباهها، إذ الملاحظ أن المتبقي من الأطعمة كثير، وهو مما لم تمسّه اليد – غالباً - فيمكن إعادة توزيعه.

وتتمثل الفكرة في توريد كميات مناسبة من العلب القصديرية المناسبة لحفظ الطعام المتبقي من الوجبات التي يتم تناولها داخل المطعم "المحلّي"، في المطاعم الأكثر رواداً، وتكون هذه العلب بالحجم الكبير، والمتوسط، ويطلق عليها اسم جاذب، مثل  "طبق الشكر" أو "طبق شكر النعمة"، كما يطبع على تلك العبوات شعار المشروع، ويتم توفير أكياس بلاستيكية بنفس الاسم والهوية.

ثم يتم تأمين هذه العلب وملحقاتها بكميات كافية في المطاعم المستهدفة، مع طباعة لوحة إعلانية  عن المشروع داخل المطعم، ولوحة أخرى لدى  المحاسب "الكاشير" تفيد باشتراك المطعم في مشروع "طبق الشكر"، كما يمكن أنت توضع لافتة مناسبة وصغيرة في كل جلسة طعام، تشير للمشروع ، ويمكن طباعة نص تذكيري في الفاتورة المعطاة للعميل.
وفي حال رغبة العميل في التعاون مع المشروع، فليس عليه سوى طلب تجهيز باقي الطعام في طبق الشكر، ليقوم بأخذه معه عند الخروج وإعطائه لأي محتاج على طريقه، بشكل لائق ومناسب.

ويمكن على سبيل المثال استهداف عدد من المطاعم الشعبية الشهيرة وذات الفروع في المرحلة الأولى، كما يمكن رصد تطبيق المشروع من خلال الحصول على إحصائيات التوزيع التقديرية لكميات الأطباق المعطاة من المطعم شهرياً، ويكون دور الجمعية المتخصصة في حفظ النعمة  عقد الاتفاقيات والشراكات مع المطاعم المستهدفة للعمل بالفكرة وترويجها، ومتابعة تزويد تلك المطاعم بالعبوات والأكياس البلاستيكية بشكل منتظم، وتلقي المقترحات والملاحظات على المشروع.
وسيحقق المشروع للجمعية إنجازاً ملموساً، وعشرات الألوف من الوجبات الموزعة من الأطعمة الفائضة دون أن يتطلب ذلك أي جهد ميداني ذا بال.

ويحقق المشروع – بالإضافة إلى الاستفادة من فائض الطعام - فوائد أخرى، من بينها: تفعيل المطاعم في حل المشكلة ومساهمتهم فيها، والتخفيف عنهم في حجم ما يرمونه من الفائض اليومي، وتفعيل عموم رواد المطاعم بشتى أعمارهم وأجناسهم في هذا العمل التطوعي وتعويدهم على العطاء، بالإضافة إلى تنويع طبقة المستفيدين من هذا الطعام مكاناً ونوعاً، لأن التوزيع – والحالة هذه- لن يكون لأحياء محدودة، بل لسائر أحياء المدينة.

ويمكن أن يوضع على شبكات التواصل وسماً للمشروع "هاشتاق"، بحيث يتاح اقتباس الفكرة من أي جهة ترغب في ذلك في أي بقعة كانت، ويكون الهاشتاق حينها منطلقاً لنشر الأعمال والمبادرات في مجال العمل التطوعي في مجال الإطعام.

وحين يحقق المشروع أهدافه على أرض الواقع، ويُلمس النجاح فعلياً، فيمكن أن يتوّج ذلك بإجراء احتفال سنوي يحضره كبار المسئولين في المنطقة، لتكريم المطاعم المشاركة في #طبق_شكر_النعمة.

كما أن من الممكن – لتحقيق استدامة المشروع – أن لا يكون توزيع العلب والأكياس على المطاعم مجاناً، بل يتم البيع لهم بسعر التكلفة.
إننا بحاجة – دوماً – لابتكار الأفكار البسيطة، التي تحقق الأثار الكبيرة، بأقل تكلفة ممكنة.
دمتم بخير .

محمد بن سعد العوشن
إعلامي مهتم بتطوير الذات والعمل الخيري
@bin_oshan


تم النشـر في صحيفة تواصل من هــنا

مايو 11, 2019

المينيماليزم - مفهوم مهم عن البساطة

أثناء جولة قمت بها في مقالات "صحيفة تواصل"، وجدت عنوان مقال لفت نظري!
كان المقال بعنوان "«المينيماليزم».. هوية البساطة" للكاتب محمد بن مشبب القحطاني

وقد قرأت المقال القصير ، وأكثر مالفت نظري هو أنه أشعرني بالمصطلح، وكعادتي حين أجد أمراً جديداً ، أهرع إلى محرك البحث جوجل للتعلم ، وما أن كتبت جملة المينيماليزم في جوجل حتى تفاجأت بالكثير من المقالات والتدوينات ذات العلاقة، فأخذت في تصفحها، وإذ بي أجد نفسي أمام حديث تفصيلي، ونماذج، وتطبيقات، وقصص، تصب جميعها في أساليب تبسيط الحياة والتخلي عن الكراكيب الكثيرة التي تعودنا على تكديسها، والمطالبة بالمزيد ..
ورغبة في إشراك الإخوة قراء المدونة معي في هذه المادة الثرية المتنوعة، فإنني أسوق لكم هنا روابط الموضوعات التي وجدتها تقدم شيئاً جديداً، ولعلي في مرحل قادمة أقوم بتلخيص وجمع لكل ماورد في هذه الموضوعات المتعددة.
وإلى ذلك الحين يمكنكم القراءة والتوسع في فهم هذا المصطلح..


(1)
حركة المِينيماليزم Minimalism 
من مدونة (فوزية الثبيتي)
ركّزت على "التصاميم" وبساطتها .


(2)
" Minimalism" أسلوب حياة مختلف 
 من مدونة (حنان)
مقال متكامل يتناول كافة جوانب الحياة



(3)
مينيمالزم minimalism
من مدونة (حكاية طويلة)
وهي تدوينة تفصيلية متكاملة

(4)
إنفوجرافيك "المينيماليزم: حياة التجرد والخفة"
من (صحيفة مكة)

(5)
"المينيماليزم بالعربى".. شباب يعلنون الحرب على "الكراكيب" من أجل حياة أبسط
من صحيفة ( اليوم السابع)
تروي تجارب الشباب في مع "المينيماليزم

(6)
كيف تتخلص من «كراكيب» حياتك.. الحل في «المينيماليزم
من موقع (شبابيك)
تجارب في التعامل مع الكراكيب

(7)
ماذا استفدت من مبدأ "Minimalism"؟
من موقع (صحتك بالدنيا)

(8)
" المِينِيمالِيزم " الْكَثِير فِي الْقَلِيل .
من موقع (رقيم)

(9)
المينيماليزم.. فن الاستمتاع بالفراغ والتخلص من الفوضى
من  صحيفة (الغد)




مايو 08, 2019

التطوّع المرتقب!

كان التطوع ولا زال معلماً على رقي المجتمعات، وعلو منزلتها، ونضج شعوبها، ذلك أنه بالتطوع تسد الكثير من الحاجات، وتنطلق المبادرات، ويستفاد من الطاقات، وتشغل الأوقات بالنافع المفيد.
والتطوع خير كله، فهو يحقق للمتطوع إشباعاً لاحتياجاته النفسية، ويناله بموجبه الأجر على إحسانه، كما يحقق للمستفيدين خدمات تلبي احتياجاتهم، كما يحقق للمجتمع تكاتفاً وتعاوناً وتآلفاً وترابطاً يعود بالنفع للمجتمع برمته الذي يرى فيه الصغير والكبير حجم المودة والرحمة التي تغشاهم، والنصوص الشرعية في مجال فعل الخير والإحسان إلى الناس، وعظيم الأجر المترتب على ذلك كثيرة جداً، يقول سبحانه وتعالى : ( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) ويقول ( فمن تطوع خيرا فهو خير له) ويقول (و أحسنوا إن الله يحب المحسنين) ويقول (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)، وفي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَعْرُوفِ؟ فَقَالَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ فِي الْأَرْضِ» فديننا دين التطوّع والإحسان.

ويتميز التطوع بأنه لا يتطلب – غالباً – التزاماً دقيقاً كالعمل الوظيفي، وبأن أصحابه لا يتقاضون مقابله أي أموال أو أعطيات، كما أنه فرصة سانحة لإشباع الشغف، وتحويل المهارات من التنظير إلى التطبيق، حيث يتيح التطوع لمحبّ الرسم مثلا استغلال هوايته في خدمة المجتمع، و الأمر نفسه بالنسبة لمحبّ الأعمال الفنية والكهربائية والإنشائية، والمهتم بالتزيين والتصميم والتنسيق، ومن له شغف بالبريّة، أو الغوص، وما سبق إنما هي نماذج وأمثلة قريبة، وإلا فإن التطوع لا حدّ لمجالاته، وكلما فكّر المرء في شغفه أو هوايته أو ميوله المهنية فإنه سيجد بالضرورة طرقاً كثيرة للتطوع، وقد يجد من هم على شاكلته، فيكونون فريقاً تطوعياً مميزاً يقدم خدمة نوعية للمجتمع، وبعض هذه الأعمال التطوعية يناسب أن تؤدى فردياً، وبعضها جماعياً، كما أن منها ما يتطلب الإسرار وعدم الإعلان كالإحسان للمحتاجين مع المحافظة على كرامتهم، بينما يتطلب بعضها إعلاناً وإعلاماً لأن هدفها لا يتحقق إلا بذلك.
وتعدّ (الفرق التطوعية) أحد سبل نشر التطوع وتيسيره ورصد آثاره، حيث يمكن للفريق أن ينشئ بين أفراده رابطة تيسّر وتنظّم لهم القيام بالمهام التطوعية، يحفز بعضهم بعضاً ويشد بعضهم من أزر بعض، ويسدّ بعضهم مكان بعض حين ينشغل أو يعجز عن المشاركة.
وما أحوجنا اليوم - مع تيسّر وسائل التواصل بين الناس والعثور عليهم – إلى إطلاق المئات من المبادرات التطوعية في كل محافظة أو مدينة أو منطقة، مبادرات لا يلزم منها أن تكون تحت مظلة جمعية رسمية، أو جهة حكومية، لأن ذلك مدعاة لخنق التطوع وتأطيره وتقليم أظافره، والمتطوعون بطبيعتهم لا يريدون أن يتحولوا إلى موظفين في جهات قائمة، ولا أن يتم الحدّ من أنشطتهم تحت أي ذريعة.
ولا أرى من المناسب أن يتم تحويل كل فريق تطوعي إلى جمعية خيرية، فذلك يعني إفقاد التطوع الكثير من خصائصه، وتعقيد إجراءات التطوع اليسيرة، فيهرب المتطوعون خوفاً من هذه الرسمية في العمل تحت شعار "المؤسسية" المزعومة!
إننا بحاجة ماسة للإبقاء على الجمعيات الخيرية وتعزيزها وتطوير أدواتها، وتحفيزها لتفعيل التطوع في أنشطتها، وهذا حق لا ريب فيه؛ غير أننا - في الوقت ذاته – بأمس الحاجة إلى التحفيز على انطلاق الفرق التطوعية غير الرسمية، من خلال إجراءات ميسرة للغاية، والمباركة "الرسمية" للجهود التطوعية، واعتبارها دلالة واضحة على عمق الانتماء للوطن، ووسام فخر لمن يقوم بها، كما أننا بحاجة إلى حشد إعلامي وتعليمي يصبّ في تعزيز التطوع والحث عليه، بالإضافة إلى تقديم الخدمات اللوجستية المتنوعة التي تعين كل مجموعة من أفراد المجتمع على الانطلاق العملي نحو التطوع، بتوفير الأدلة والنماذج والمواقع والتطبيقات والأدوات المتاحة والتي تكون أشبه بخارطة الطريق (المقترحة) لمن أراد إنشاء فريق تطوعي.

وإن مما يشجّع على ذلك كله، ما نراه في رؤية 2030 التي تضمنت النص التالي: (نعمل كذلك على غرس ثقافة التطوع لدى أفراد المجتمع) كما أشارت إلى أن المستهدف بحلول 2030م: (الوصول إلى ١ مليون متطوع في القطاع غير الربحي سنوياً مقابل ١١ ألف الآن)، وهو عدد ضخم لا يمكن الوصول إليه بالطرائق التقليدية، وبانتظار النموّ الاعتيادي، ولا يكون إلا بإطلاق الطاقات في كل مجال، ونشر الثقافة، وإبراز النماذج المميزة، وفتح الأبواب عل مصاريعها لكل تطوّع إيجابي فعال، وحينها يتحول التطوع من مشاريع محدودة في الجمعيات و الوزارات المختلفة، إلى مبادرات شعبية واسعة النطاق.

فهل نسمع – في شهر الخير والبركات – بمبادرات مختلفة، وتحرك واسع في مجال فرق الأحياء التطوعية، وانطلاق لفرق التطوع المتخصصة، وتدشين لمنصّات وتطبيقات تيسير التطوّع سعياً  لتلبية الاحتياجات المجتمعية التي لم يتم إشباعها بعد.. أرجو ذلك وأتمناه.

دمتم بخير ،،
محمد بن سعد العوشن
إعلامي مهتم بتطوير الذات والعمل الخيري
@bin_oshan

ن
في صحيفة تواصل من هنا