أبريل 28, 2018

توصيات مؤتمر تقنية القطاع غير الربحي (حلول)


في  يومي 27 و 28 أبريل 2018 م - الموافق 11 و 12 شعبان 1439 هـ، وبحضور يجاوز 350 شخصاً، من أكثر من 250 جهة، جمعتهم قاعات فندق العثمان كمبنسكي انعقد مؤتمر تقنية القطاع غير الربحي (حلول)


نبدة عن المؤتمر :
يعد مؤتمر حلول من أهم الفعاليات في الإثراء المعرفي التقني للقطاع غير الربحي، حيث يستضيف أبرز المتخصصين التقنيين، ويعرض فيه أبرز الممارسات والتجارب التقنية الناجحة، ويشارك فيه العديد من المنظمات والأفراد العاملة في القطاع غير الربحي، ويشكل فرصة لكبار المسؤولين والخبراء والمستثمرين لتبادل الخبرات، وإثراء الخدمة المجتمعية، ومواكبة أحدث التطورات والتقنيات، والتعرف على الفرص الشراكة بين القطاع غير الربحي والقطاعين الحكومي والخاص في إطار العمل للمساهمة في تحقيق رؤية المملكة 2030، وكان المؤتمر برعاية كريمة من معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحة .

توصيات المؤتمر ( التسع) :
1- أن تستمر شركة التقنية المباركة في تنظيم هذا المؤتمر بشكل دوري.
2- حث منظمات القطاع غير الربحي على التنسيق بين الجهود في استثمار تقنية المعلومات، وتبادل الخبرات في توظيف الحلول التقنية.
3- أهمية دور المؤسسات المانحة في رعاية وتدعيم البحوث العلمية والمشاريع التطبيقية في مجال تقنية المعلومات في القطاع غير الربحي.
4- إنشاء صندوق استثماري بشراكة المؤسسات المانحة لدعم المشاريع التقنية والمبادرات باستثمار اجتماعي.
5 - تشجيع المنظمات غير الربحية التعليمية على تطبيق وتبني البيئة التعليمية الإلكترونية.
6 - تحفيز منظمات القطاع غير الربحي على بناء وتطوير النظم التقنية الإدارية اللازمة لتحسين الخدمات ومواكبة التحول الرقمي.
7 - تكوين مجتمعات وملتقيات تقنية للمهتمين بتوظيف تقنية المعلومات في القطاع غير الربحي.
8 - حث منظمات القطاع غير الربحي على التعاون مع كليات الحاسب الآلي في الجامعات السعودية.
9 - أهمية تشارك البيانات الضخمة والتعاون في استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي بين المنظمات غير الربحية.


دمتم بخير

محمد بن سعد العوشن

أبريل 26, 2018

مونوبولي - نظرة أولى


تنويه مهم : هذا المقال كتب في شوال 1432هـ  ونشر حينها في الفيسبوك، وقد رغبت في وضعه في مدونتي كأرشيف لنقد إعلامي قمت به حينها، فإن لم يكن الموضوع يروق لك، فيمكنك تجاوزه بسهولة ويسر.
تابعت الحملة الإعلامية المتقنة في "تويتر" للتسويق لفيلم "مونوبولي" .. من تصوير وإخراج بدر الحمود وسيناريو عبد المجيد الكناني وتمثيل محمد القحطاني وفيصل الغامدي ومجموعة شباب عزبة التائبين، والذي يناقش أزمة السكن  في المملكة العربية السعودية، وهو الفيلم الذي حظي بعدد مشاهدات مرتفع جداً إذ بلغ مايزيد عن نصف مليون مشاهد خلال 4 أيام من إطلاقه على موقع اليوتيوب.
ومامن شك أن القضية التي تناولها الفيلم من جهة، والترويج الإلكتروني الكبير للفيلم من جهة أخرى دفع الكثيرين لمشاهدة الفيلم .
وحيث أن الفيلم - في نهاية المطاف- جهد فني بشري، فإنني أسوق جملة من الملاحظات النقدية التي بدت لي ..مدركاً أن البعض قد يسيء الظن، أو يكيل الاتهامات، أو يعتبر نقد العمل استهانة بالقضية التي تناولها الفيلم .
لكنني بوصفي مشاهداً، ومواطناً في آن، سوف أدلي بدلوي في نقد الفيلم :
1 - برغم أن الفيلم أعلن منذ البداية أنه سيكون عن أزمة السكن إلا أنه خلط بين هذه المشكلة وقضايا أخرى، فتحدث عن مشكلة البطالة، والوظائف المؤقتة، وأداء المنتخب.. وهي مشغلات تخرج المشاهد عن الفكرة الرئيسة في الفيلم ليصبح وكأنه يريد أن يناقش (كل) المشاكل .. وكأنما جاءت رحلة البرازيل عرضاً فتم تصويرها وإقحامها في الفيلم بالقوة .
2 - دخول المهندس عصام الزامل في الفيلم بدا نشازاً وقطعاً للمتابعة بالنسبة للمشاهد، برغم أهمية المعلومات التي طرحها، وحسن تعاطيه مع القضية .
3 - اقتصر الفيلم على حل واحد لمشكلة السكن، وهو فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وكأنه الحل السحري للمشكلة، مع أنه لايعدو أن يكون أحد الحلول الجزئية، بل ربما كان فرض الرسوم محل خلاف في مدى قدرته على خفض أسعار الأراضي أصلاً،  إذ يعتبر البعض ذلك الإجراء - والذي تم اتخاذه بعد مدّة - مدعاة لمزيد من الارتفاع في أسعارها، فضلاً عن أن هذه الرسوم ستعود بالوفرة لخزينة الدولة، والتي لا تشتكي من النقص أصلاً .
4 - تضمن الفيلم قضايا جانبية تصرف الذهن عن القضية، فكتاب الأمراض النسائية والدخول به إلى دورة المياه، في إشارة إلى أحد السلوكيات غير المرغوبة يتسبب في التشويش على المشاهد، والأمر نفسه يقال عن تركيز الكاميرا على شعار شركة آبل.
5 -تحدث الفيلم عن السكن العشوائي في البرازيل باعتباره حلاً لجأ إليه المدرّب الشاب، والحقيقة أن السكن العشوائي ممكن في كل دول العالم بما فيها المملكة، فلو كان هذا هو منتهى مراد المواطن لكان الأمر هيناً .
6 - لم يتناول الفيلم مشكلة السكن من جميع جوانبها، فلم يشر لساكني الصفيح والبيوت الشعبية والطينية، كما لم يتناول الفئات الأخرى غير الشباب وحجم معاناتهم ..
7 - كان الفيلم يركز على الفئة المثقفة من الشباب ( طبيب امتياز - مهندس - مسوق - ..) ومعاناتهم من المشكلة برغم رواتبهم المعقولة نسبياً، وتجاهل الفيلم أحوال موظفي البنود المالية المنخفضة كحراس الأمن (السكيورتي)، وأمثالهم ممن لاتتجاوز رواتبهم 3000 ريال، وهم الطبقة الكادحة فعلاً .
كانت هذه نظرة أولى، أحببت أن أضعها بين يديكم .. ولكم الحق في قبولها أو ردها .

محمد العوشن
إعلامي

أبريل 25, 2018

تحدي قراءة 21 كتابًا في 21 يومًا


كتبت تغريدة على تويتر ذكرت فيها أنَّي سأبدأ في مشروع لقراءة 21 كتابًا خلال 21 يومًا، فسألني عدد من الأخوة والأخوات عن ماهية قراءة هذا المشروع، وهذا التحدي!
فأجيبهم قائلاً :
الحقيقة أنني جلست مع الدكتور/ محمد الصبي، وهو متخصص في موضوع القراءة السريعة، وهي شغفه، ومشروعه في الحياة. وقام بجهد كبير في تدريب عدد ضخم من الأشخاص على القراءة السريعة، لقد درَّب أكثر من أربعمائة وثمانين دورة في القراءة السريعة.
يتميز الدكتور/ محمد، أنَّه ليس مقلِّدًا في موضوع القراءة السريعة.
إذ أنه أخذ دورات باللغة الإنجليزية عن القراءة السريعة، واطلع على كتب مؤلَّفة في هذا السياق، وبعد طول تجارب، اكتشف أنَّ هناك اختلافات حقيقية بين القراءة السريعة باللغة العربية والقراءة السريعة باللغة الإنجليزية، من حيث: المفردات، الأسلوب في الحديث، القراءة من اليسار إلى اليمين، وغيرها.. وكل هذه المعطيات تغيّر في منهجية وأسلوب القراءة السريعة، وأدرك – بعد ذلك-  أنَّه يجب أن يكون لنا نمطنا الخاص الذي يتوافق مع لغة الضاد.
لذا ابتكر منهجيات خاصة به في تحسين مستوى القراءة، وتسريع القراءة.

وشاهدت واستمعت إلى عدد من الأشخاص الذين التحقوا بدورات الدكتور/ محمد، يروون مسيرتهم في التحسُّن، والنقلة الكبيرة التي عايشوها.

الدكتور/ محمد، لا يقدم لك لقاءً نظرياً ومفاهيماً عامّة عن القراءة السريعة، ولكنَّه يقدم شيئًا عمليًّا، وتحتوي دروته العملية على تطبيقات كثيرة أثناء اللقاء، كما أن هناك اختباراً أولياً يتم إجراؤه قبل البدء بالدورة، واختبار آخر في نهاية الدورة، اختبار حقيقي ومنطقي وآلي تستطيع منه أن تعرف فعلًا كم كانت، وكم أصبحت سرعة القراءة لديك بعد اتباع التقنيات المتنوعة التي يعطيك إيَّاها.
ويشير الصبي إلى وجود موقع إنترنت متخصص، يتم التعامل من خلاله في تسيير القراءة، ومتابعة النمو.

وفي أثناء حواري مع الدكتور محمد، في موضوع القراءة السريعة، وتوقيت البدء بالنسبة لي وخصوصاً أنّنا في شهر شعبان وقد لايكون شهر رمضان مناسباً لبرنامج كهذا، ولا لبداية الدورة التدريبية، أشار عليّ برأي حكيم.. فقال : "بما أنَّك منشغل هذه الفترة، وحتى يحين موعد عقد الدورة لك في شهر شوال؛ دعني أعطيك مجموعة من الأشياء التي يجب أن تفعلها، وهي ستكون تدريبًا حقيقيًّا قبل الدورة.

 اختر 21 كتابًا، أي كتاب يروق لك، قصة، موعظة، أحاديث، علوم، ..
أهم شيء أن تكون كتباً تريد قراءتها، اختر 21 كتابًا تتسم بأنها من القطع المتوسط، عدد صفحات الكتاب ما بين السبعين والمائة وخمسين صفحة، والتزام بقراءة كتاب واحد فقط منها يومياً، تاركاً كل الأعذار، اضغط نفسك، اقتطع جزءاً من وقت نومك، من وقت جوالك، اقتطع وقتًا من أي شيء حتى تنهي هذا التكليف اليومي، اعتبر هذا واجب لا يُمكن المبيت إلا بعد إتمامه.

والعمل على هذه الطريقة سوف يعطيك مجموعة من الإنجازات:
أولًا:
سيجبرك على القراءة المنتظمة الثابتة، وسيجعلك تعطي القراءة وقتًا مخصصًا ستضطر لاقتطاعه وانتزاعه من أوقات أخرى.
ثانياً:
سيعوّدك على الدربة في القراءة، فحين تقرأ اليوم كتاباً ثم كتاب ثان يوم غد، ثم بعده الثالث، ثم بعده الرابع، ستنطلق في القراءة، وسيتحسن مستوى قراءتك بشكل مؤكد، قد لا يكون التحسن المنشود، لكن هناك تحسنًا سيحصل من جراء كثرة التدريب والممارسة.

ثم ذكَّرني د.الصبي بجوانب مهمة في هذه الـ 21 كتاباً فقال: 
وأنت تقرأ أؤكد عليك أن لا ترجع لنص أكملته بحجة أنك لم تفهمه، فأنت الآن في مرحلة تغيير وليس الفهم أولوية فالمرحلة تدريب على تحسين القراءة وتسريعها، بعد ذلك ستكتسب مهارة الفهم التفصيلي لاحقًا، لكن لا تتوقف لتسترجع المعنى وتعيد قراءة الفقرة، وأحيانًا بعض المعاني لا تفهمها في البداية، لكن باقي السياق والجمل التالية تجعلها أكثر جلاءً.
وإيَّاك والقراءة بصوت،  أو تحريك الشفتين أثناء القراءة، فيجب أن تكون القراءة صامتة صرفة.

التزم بإنجاز الكتاب الأول في اليوم الأول، والثاني في اليوم الثاني، واجعل الكتاب في يدك، أو في جيبك، لا تتركه؛ لأنَّك ستجد أوقاتًا مبثوثة ومتناثرة، عشر دقائق، سبع دقائق، وقت انتظار، وقت إشارة، ستبدأ في تلمس الأوقات التي يمكنك إنجاز الواجب فيها.

يقول د.محمد : بعد الواحد وعشرين يومًا أنا مستعد أن أؤكد لك أنه ستكون هناك قفزة في الأداء، وستكتسب مزيداً من الثقة، وستتيقن أن القراءة ليست صعبة، وأن الكتاب لا يحتاج أسبوعين أو ثلاثة لإنهائه، بل يكفيه يوم واحد أو يومان حسب حجمه، غير أن الأمر يحتاج عزيمة وإصراراً.
هذه القراءة المكثفة ستعطيك ثقة، ستعطيك مهارة، ستعطيك لياقة، وستشعر فيها بالتحسن، ومن الممكن بعدها أن تبدأ في دورة القراءة السريعة، فتكون قد حضرت إليها بعد أن مارست تمارين اللياقة الأولية والإحماء، وتنطلق معنا في برنامج القراءة السريعة.
أتمنى أن أوفق لإتمام الواحد وعشرين كتابًا.

أدعوكم إلى أن تلتحقوا بهذه التجربة، فأمامنا - قبل رمضان-  فترة كافية لأن نطبق تجربة الواحد وعشرين كتابًا في واحد وعشرين يومًا، كل واحد يختار من مكتبته الكتب التي تروق له، والمهتم بقراءتها، والتي يشعر بتأنيب الضمير أنَّه لم يقرأها، وليستعن بالله، ليبدأ معنا.

بقي أن أختم بشيء، وهو ( لماذا الرقم 21 يوماً )
والجواب أن كثيراً من المتحدثين عن علم النفس، وعن الذات، وعن العادات وصناعتها، كثيرًا ما يتحدثون عن الواحد وعشرين يومًا وأنها المدة المناسبة لزرع عادة لدى الإنسان، لذا تقرأن أن الانقطاع عن تناول السكّر لمدة واحد وعشرين يومًا ستجعلك تستطيع الإقلاع، و واحد وعشرين يومًا في ممارسة الرياضة ستجعلك تتعود على ممارسة الرياضة.
وبطبيعة الحال لست أعتقد في الرقم (21 ) ! اجعله 20 أو 22 ، الأمر يسير، المهم أن تبدأ وتترك المعاذير.

أتمنى لكم التوفيق، وقراءة موفقة، والله أعلى وأعلم.

أبريل 24, 2018

أول السيرة ...

ولدت في مدينة الرياض، وترعرعت فيها، التحقت بروضة معهد العاصمة، وكان الالتحاق بالروضة أمراً غير معتاد للكثيرين، ثم درست في حي "الجرادية" سنة ونصف في ابتدائية عرفات، ثم انتقلت بعدها إلى ابتدائية "عكرمة" بالسويدي حيث أكملت دراستي الابتدائية هناك..
كانت مرحلة حاضرة في الذاكرة، باقية في المشاعر بالكثير من تفاصيلها، وكان من محطاتها .. الإذاعة المدرسية التي أوكل إلي أمرها، فكنت أحمل مفاتيح المكتبة معي دوماً - وبداخل المكتبة يوجد جهاز الإذاعة وملحقاته -، حيث كنت آتي مبكراً قبل الطابور الصباحي بزمن غير قليل، لاستفتح بتشغيل تلاوات مجوّدة للشيخ عبدالباسط عبدالصمد، من مصحف كامل (أشرطة كاسيت) عليه شعار وزارة الإعلام..
 وكان صوت عبدالباسط يصدح في أرجاء الحيّ إيذاناً بالاستعداد ليوم دراسي جديد، حتى إذا بدأ الطلاب في التوافد، وانتظمت الطوابير توقف البث الإذاعي حينها..ولازلت حتى اليوم إذا سمعت سورة يوسف مجوّدة بصوت عبدالباسط انتقلت بي الذاكرة لا شعورياً لعكرمة .. للإذاعة . للصباح..

ولا زلت أتذكر جيداً معلم العلوم "الشبرمي" ومختبر العلوم بتفاصيله، والهيكل العظمي،
وأتذكر معلم اللغة العربية "الشويعر" والذي كان مشرفاً على الإذاعة، وكان محفزاً لي ..
ومدير المدرسة "الدحيمان" بكل وقاره،
ومعلم التربية الإسلامية "عمر" الذي كان إذا ضرب، ضرب باستخدام الفلكة بوضع الطالب على طاولة المعلم ثم ضربه مع قدميه..
لا زلت أتذكر درساً من دروس العلوم وهو عن "صناعة المربى" حيث كانت الحصة عملية، فأحضر الطلاب كمية من التفاح، والخبز الصامولي، وقدر ودافور، وتم صنع المربى فعلياً وحشوه في الخبز لنتناول شيئاً من صنع أيدينا، ولا زلت حتى اليوم إذا وجدت مربى التفاح تناولته، فعادت بي الذاكرة تلقائياً إلى "عكرمة"، فما أعظم تأثير المعلم والوسيلة التعليمية ..

تخرجت من الابتدائية، وانتقلت إلى المرحلة المتوسطة، حيث كانت متوسطة الإمام البيهقي في حيّ سلطانة هي محطتي التالية، كان مديرها "النصّار" ثم "العجلان"، وكان وكيلها "عيد" ذو النظارات السوداء التي لا تعرف طبيعة العيون التي وراءها، وكان حازما مهيباً..

أما معلموها فكان أشهرهم على الإطلاق "سعود الشديّد" رحمه الله، معلم الرياضيات المختلف كلياً ، كان يطالبنا بتسطير الدفاتر الخاصة بالرياضيات وهي فئة 100 ورقة بتسطير مختلف يجعلها مميزة ومختلفة، وكانت جملته الشهيرة في كل حصة (صفحة جديدة في دفتر الفصل) مثل الجرس الذي ينطلق فيه كل الطلاب لاستخراج دفاترهم والبدء في تلقي المادة التي تملى عليهم..

أما معلم الرياضة فكان مصرياً مشهوراً بسيارته العجيبة (الفولكس واجن) الخضراء، وكان الشيخ ..... معلم التربية الإسلامية الكفيف ذا سمت مميز، وكان يلقننا نشيداً لازالت كلماته ولحنه يرنان في أذني حتى اليوم .

أما "الديك" فقد كان لقباً لذلك المراقب الذي كان يتميز بسوء التدبير، والتصرفات غير الموزونة! 

وكانت لي معه قصة لا تنسى، أوسعني فيها ضرباً، ثم طلب مني الانصراف، وحين انصرفت باكياً، ظنّ أن العقوبة لم تكن كافية، فأوقفني وعاود الضرب أخرى، ولم أكن حينها أملك سوء البكاء والتنهدات لموجوع تم ضربه دون سبب.. وكنت قد قررت حينها أن لا أواصل في المدرسة مهما كانت الأسباب، غير أن أبي - حفظه الله- شجعني، وآزرني معنويا، ثم كتب معي خطاباً مكون من 3 صفحات أو تزيد موجّه لمدير المدرسة ينتقد فيها الأسلوب المتخذ، وطريقة التعامل مع طالب مميز، ومشرف على الإذاعة المدرسية، وكان كلامها قوياً ومؤثراً .. حتى أن مدير المدرسة استدعاني معتذراً، ثم أعطي المراقب لفت نظر، وبات هذا المراقب من ذلك اليوم يتعامل معي كتعامل الجندي الصغير مع قائد الجيش، يفتح لي الطريق، ويقدمني على الجميع، بل ويضرب لي التحية في كل مرّة أمرّ عليه فيها!

ولا زال للمتوسطة حديث ذو شجون، لكنني لا أريد الإطالة، فقد تخرجت من الكفاءة المتوسطة كما كانت تسمى، وكانت تعتبر شهادة كبيرة يتم التفاخر بها.

وقد انتقلت بعدها إلى ثانوية موسى بن نصير بالسويدي، حيث كانت بداية مرحلة النضج، والفهم لواقع الحياة ومجرياتها..

ثم إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وتحديداً في كلية الشريعة، حيث تخرجت منها عام 1412هـ.

وبرغم أن هذه الأسطر تبدو كلماتٍ محدودة، لكنها في الواقع العملي كانت مسيرة طويلة امتدت  17 عاماً متواصلة في مجال التعليم منذ الروضة وحتى الحصول على  شهادة البكالريوس.

لتبدا بعد ذلك مسيرة العمل الوظيفي، حيث كان العمل في مجال التعليم، وتحديداً في مدرسة مكة المتوسطة بحي البادية بالدمام عام 1412هـ ، حيث وضعت رحالي معلماً لأول مرة، بكل حماسة المعلم الجديد، ورغبته في نقل المعرفة للطلاب، ولو بشيء من الشدّة والاستكثار على الطلاب، ثم تم الانتقال إلى الرياض مع نهاية العام، حيث كانت مدرسة عبدالله بن عوف المتوسطة محطتي التعليمية الثانية التي لم تطل، حيث بقيت فيها عاماً واحداً ثم تيسر الانتقال إلى مدرسة عبدالله بن وهب المتوسطة، وبقيت فيها مايزيد عن ثمان سنين، عملت فيها معلماً للتربية الإسلامية..

وقمت حينها بجملة من الأعمال الإدارية الحاسوبية، خدمني فيها شيء من الاهتمام التقني منذ أيام الجامعة، حيث كنت من أوائل من اقتنوا الحاسب الآلي وبدأ في التعامل معه، ولأنني كنت من الأوائل، كنت وسيطاً دائماً لكل أصحابي الذين يريدون اقتحام هذا المجال، كنت وسيطاً محتسباً حيث لم أكن أعرف ولم أرد أن آخذ أي مبالغ نقدية مقابل خدمة الناس، قد يكون هذا بحسن نية، أو بعدم معرفة، المهم أنني اشتريت عشرات الحاسبات لكثيرين، وكنت في بعض الأحيان أقوم بنقلها إلى منازلهم، وأقوم بتشغيلها، وتدريبهم على كيفية الاستخدام، وكانت تسبق عملية الشراء تلك جولات متنوعة على محلات الحاسب لتقييم العروض، والمفاوضة بشأن السعر.

لا أدري ما الذي جاء بهذه السيرة الحاسوبية ، حيث جاءتني للتو ذكريات جميلة رائقة ..

لا أدري أين سأصل في حديثي هذا، ولا لم كتبت هذه النصوص، لكنني وجدت نفسي منساقاً لذلك، فكتبته، شاكراً لأستاذي ( أبي علي) الذي أشار علي بكتابة سيرتي الذاتية بنفسي على هيئة قصصية..

أدرك يا أبا علي أنك لم تكن تعني ما قمتُ به، وأعدك أن أكتب كلاماً أكثر أهمية وأقل "سواليف" فتحمل مني قصتي.

وللحديث صلة بإذن الله

أبريل 18, 2018

المفتون الماجنون !

منذ عصور الإسلام الأولى، والعلماء وطلبة العلم يدركون خطورة الفتوى، ويتورعون عنها، ويخشون تبعاتها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، مع علمهم الغزير، وحفظهم للنصوص الشرعية، ومعانيها ودلالاتها، وكونهم من أعلم أهل الأرض في زمانهم؛ وذلك إدراكاً منهم لخطورة الحديث في أحكام الله، والتوقيع عن (الله)، وخوفاً منهم أن لا يصيبوا الحق، وأن يقعوا في الخطأ من حيث لا يشعرون، لهذا اعتبر ابن القيم رحمه الله المفتين (موقعين عن رب العالمين).
وحينما سمّى الله الكبائر، ذكر الفواحش، والبغي، والشرك، وختمها بقوله تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)، واعتبر سبحانه “الفتيا بالحلال والحرام دون علم”، من افتراء الكذب على الله: (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).

وقد أدرك عبدالرحمن بن أبي ليلى عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان منهم محدّث إلا ودّ أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفتٍ إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا.

وأما حالنا اليوم فعجيب؛ إذ تجرأ الكثير من سوقة الناس وغوغائهم للفتيا بغير علم، ومناقشة القضايا الشرعية بكل جرأة، ومثل هؤلاء جديرون بالمنع والردع والإيقاف، فقد قال ربيعة الرأي: “ولَبعضُ من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السراق” وقال ابن الجوزي: “يلزم ولي الأمر منعهم، كما فعل بنو أمية”. وقد أطلق بعض الفقهاء على المفتي الجاهل اسمَ: (المفتي الماجن)؛ لتجرئه على الإفتاء مع جهله.

إن ما نقرأه اليوم على شبكات التواصل من جرأة أولئك “السمرمد” على القول على الله بغير علم لشيء يدعو للعجب، فالواحد منهم لا يحسن قراءة آية واحدة من كتاب الله، ولا يعرف من الأحكام ما يقيم به صلاته، ومع ذلك تراه يفتي في صغير المسائل وكبيرها، ويقول على الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

وربما سمع الواحد منهم حديثاً هنا أو هناك، ولم يعلم صحته، ولا معناه، ولا سياقه، ولا ناسخ النصوص ومنسوخها، ولا سبب الحديث وقصته، ومع ذلك يرفع عقيرته متحدثاً ومفتياً، ويكون حال أولئك الضالين كما قال الله: (يحسبون أنهم على شيء).

وإنما يكثر أولئك “السمرمد” حين يقلّ نشاط أهل العلم، وتأثيرهم، وحين لا يكون لهم رادع يردعهم، بالعلم والفتوى حيناً وبقوة السلطان حيناً آخر، و(إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن).

وقد أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)

ولا يكتفي “السمرمد” بالفتيا بغير علم، والحديث في تخصص لا يحسنون منه شيئاً، والإتيان بالعجائب في ذلك، والتورط في تضليل عامة الناس، بل تراهم يسعون للاستنقاص من الراسخين في العلم، والتشغيب عليهم، وتشويه صورتهم، وتنفير الناس منهم ومن فتاواهم وكتبهم، قال الإمام الشاطبي: (وربما ردوا فتاويهم وقبحوها في أسماع العامة؛ لينفروا الأمة عن اتباع السنة وأهلها).

وربما تحدث أولئك عن أنه لا كهنوت في الإسلام، وأنه ليس في الإسلام “رجال دين”، وأن النصوص الشرعية جاءت بلسان عربي مبين، زاعمين أن ذلك يتيح لهم ولأشباههم الجرأة على الحديث نيابة عن الله بكل جهل!

مع أنهم أجبن الناس حين يكون الحديث نيابة عن أحد من البشر خوفاً من المحاسبة والمساءلة الدنيوية؛ لكن لأن مخافة الله قد ضعفت في نفوسهم، وتمكن الشيطان منهم، وقلّ من يحاسبهم على صنيعهم، فلا غرو أن يزداد عداد أولئك، وتقوم سوقهم في زمان شبكات التواصل، والفضاءات المفتوحة.

والواجب علينا جميعاً أن نوعّي المجتمع، ونربي كل من تحت أيدينا على ضرورة النهل من المصادر الموثوقة الأصيلة، والرجوع لأهل العلم الموثوقين، والإنكار على أولئك الجهلة، وتشنيع صنيعهم، وحث المجتمع على نبذهم، وتجاهلهم، ومعرفة قدرهم الذي لن يجاوزوه.

ولندرك في نهاية المطاف أن الزَبَد الذي يقوله أولئك “السمرمد” يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس من كلام العلماء فيمكث في الأرض، ويطرح الله فيه البركة والخير والنفع زماناً طويلاً.


محمد بن سعد العوشن

إعلامي مهتم بالعمل الخيري

نشر في صحيفة تواصل من هـنـا

أبريل 07, 2018

الزواج العائلي والمتفاخرون!


لا يزال موضوع “الزواج” وتأخّره – خصوصاً بالنسبة للفتيات – أمراً مؤرقاً للكثيرين، ولا تكاد تفتح الموضوع في مجلس حتى يروي الحاضرون مزيداً من القصص، ويحدثونك عن ألوان المعاناة، والقلق الذي يشوبهم بهذا الشأن، غير أن كثيراً منهم لا يتجاوزون الإشارة لمظاهر المشكلة، وتأكيد وجودها، وقليل من هؤلاء من ينتقل من “المشكلة” إلى “الحل”، ويفكّر في اتخاذ خطوات عملية نحو تخفيف الظاهرة.
وأنت أيها القارئ الكريم يمكنك أن تعدّد كثيراً ممن يقلقك شأنهن من الأخوات والبنات أو بنات العم، أو القريبات ممن بلغن سن الزواج ولم يتزوجن بعد، مع أنه لا ينقصهن شيء.

وقد طرحت هذا الموضوع في أكثر من مجلس ومحفل، وسعيت إلى إثارة الاهتمام حول الموضوع، ووجدت أن هناك جملة من الحلول التي يمكن اللجوء إليها لنكون جزءاً من الحل بدلاً من أن نكون جزءاً من المشكلة، فمهما لعنّا الظلام، فسيبقى الظلام مستمراً، ما لم نشعل شمعة في هذا الظلام الدامس.

ولعلي هنا أتناول إحدى هذه الحلول التي يفترض أن نتوجّه إلينا بكل اهتمام، ألا وهو (تيسير الزواج)، والسعي لتخفيف طقوسه وفعالياته المتكاثرة، والتي بدأت في التعقيد يوماً بعد يوم. مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن النساء: (خيرهن وأكثرهن بركة، أيسرهن مؤونة)، فما أجمل أن يكون الزواج مناسبة (عائلية) لا (جماهيرية) يحضرها الأقارب القريبون جداً من أهل الزوجين، وتكون في بيت أهل الزوجة، أو في استراحة صغيرة بجوارهم، ويكون هذا هو الاحتفال الوحيد الذي يتم بمناسبة الزواج، تطبيقاً للحديث الذي يوصي بإعلان النكاح وعدم الإسرار به.

أما اختيار القاعات الفاخرة، والتجهيزات المكلفة، والحفلات المتتالية، والهدايا الباهظة الثمن، فهو إنفاق للمال في غير وجهه، وتضييع للأموال الكثيرة دون طائل، وتكبر المشكلة حين يصبح التسابق على ذلك “موضة” تضطر الفتاة وأهلها للمسايرة، بل وتسعى كل فتاة لإضافة بصمة أخرى على كل ما سبق، وكل إضافة تتطلب مزيداً من المال، وكل إضافة تجعل اللواتي يأتين بعدها ملزمات بالمسير على هذا الطريق العسير، ومسايرة هذه الطقوس، مع عدم مراعاة للوضع المالي للزوج أو للزوجة، فلم يعد ذلك التفاخر والتظاهر مقصوراً على الطبقة المترفة فحسب، بل بات التقليد سمة عامة يلتزم بها الجميع!

ولهذا فمتطلبات الفتاة من الزواج باتت ضخمة جداً، ولم يعد يناسبها سوى الثري جداً الذي يمكنه أن يحقق لها ذلك التميز الموهوم، ومتابعة الموضة بشكل مستمر.

والشاب الناشئ الذي يبحث عن الزواج لأجل تحقيق الإعفاف والستر، لا يمكنه في الوضع الطبيعي الانسياق وراء هذه المتطلبات الكبيرة إلا حين يكون وضعه أو وضع والده المادي عالياً، أو أن يضطر للكثير من القروض التي تجعله مكبلاً بعد ذلك، أو أن يترك الموضوع برمّته، ويعزف عن الزواج، أو ينتظر سنين طويلة حتى يتمكن من جمع المال الكافي لتلك المظاهر.

لذا فالزواجات العائلية منهجية جميلة، ويسيرة، واقتصادية، وهي الأكثر ألفة واجتماعاً. وكانت أسلوباً سائداً في مجتمعنا، غير أن التغيّر الذي طرأ على المجتمع، والانفتاح على المجتمعات الأخرى، جعلنا نحاول جمع ما تفرق، فنأخذ من كل بلد أحد طقوسه، لتكون النتيجة لدينا مثل إناء رميت في عشرات الأنواع الجميلة من الأطعمة، فترى الإناء بعد ذلك وقد ضاع طعمه، ولم يعد شكله جاذباً، كما أنه سيسبب لمتناوله أوجاعاً بسبب هذا التناقض والتعارض بين تلك الأصناف.

ما أحوجنا اليوم إلى التنادي لتخفيف وتبسيط وتيسير وتقليل إجراءات الزواج.

وأن يبادر بذلك القدوات والأغنياء والمشاهير، لتحويلها إلى “ظاهرة” صحية، بحيث نغيّر الصورة الذهنية عن الزواج العائلي، ليكون هو النموذج الأكثر رقيّا وحضارية وتميزاً.

وأختم حديثي هذا بسؤالين ختاميين مهمين: ما الذي يمكنك فعله للمساهمة في نشر ثقافة الزواج العائلي الميسّر؟ وما الذي ستفعله في زواج ابنتك أو أختك لتجعل منه زواجاً ميسراً مباركاً؟

أسأل الله -عز وجل- أن يُيسر للفتيات وللشباب زواجاً مباركاً موفقاً ميسراً.

دمتم بخير.

أ.محمد بن سعد العوشن

إعلامي مهتم بالعمل الخيري

نشر في صحيفة تواصل من هـنـا