أكتوبر 31, 2017

"سكامبر" في خدمة المجتمع!

كل منّا يحبّ الإبداع، ويسرّ جداً لرؤيته حلولاً إبداعيه يتم تنفيذها على أرض الواقع، لتيسير وتحسين مستوى الحياة، وتحقيق الرفاه للمجتمعات.
وما بين يوم آخر، نرى عدداً من الدول، والشركات، تقوم بإنتاج وتوظيف آلاف الأفكار لتحقيق أهدافها، وهي حين تفعل ذلك، تسلك منهجيات علمية في الابتكار والتجديد، ومن هذه المنهجيات الشهيرة و الجميلة في مجال التفكير الإبداعي، منهجية تدعى (سكامبر)، والتي يعني كل حرفٍ منها أسلوباً بسيطاً في الإبداع..
لكنّه في نهاية المطاف يمكن أن يصنع الكثير، ولم أرد بهذه المقالة أن أشرح لك أيها القارئ الكريم هذه المنهجية، فهي موجودة بشكل وافٍ على شبكة الإنترنت، مقروءة ومسموعة ومشاهدة، وثمّة دورات وورش عمل يمكن حضورها، لتعليم هذه الاستراتيجية، والتدريب عليها، ونقرات يسيرة على محرك البحث “جوجل” سيعطيك صورة واضحة عنها.

لكنني هنا أردت أن نتداعى جميعاً للخروج عن الحلول التقليدية للمشكلات المجتمعية، والبحث بكل جدّ عن أساليب مبتكرة، فالاستمرار في الحلول غير الناجحة لا يدل على كياسة وحسن تدبير.

ولا أعني هنا أننا لم نفعل ذلك قطّ، لكنني أعني أن نقوم جميعاً في بيوتنا، ومواضع عملنا، ومساجدنا، وحاراتنا، ومواقع التنزه التي نخرج لها، أن نقوم بالتفكير بشكل غير تقليدي للتحسين، والتطوير، وتلافي الإشكاليات الموجودة أينما وجدت، ولا ننتظر أن يقوم أحدهم بالحلّ بل نقوم نحن بذلك.

والسكامبر بإيجاز تعتمد على أن تتعامل مع “الشيء المحدد” من خلال:

إبدال شيء محلّ شيء آخر، تجميع ودمج الأشياء لتحقيق فائدة مختلفة، التعديل والتكييف والتغيير للتوفيق بين شيء وآخر، التكبير، التصغير، التطوير، تغيير اللون والشكل والحجم والسماكة والمادة، التفكير في إعادة الاستخدام لشيء آخر، حذف وإزالة بعض الجوانب الأقل أهمية أو الأكثر صعوبة أو المكلّفة، عكس استخدام الأشياء، والتغيير الكلي فيها، إعادة ترتيب الأعمال أو الخطوات أو الأجزاء بحيث تحقق نتيجة مختلفة ورائعة.

والآن فكّر معي،

كيف يمكن تطبيق أحد التطبيقات المذكورة للسكامبر على مشكلاتنا ومجالات احتياجنا التالية:مساجد الطرق، حوادث السير، تشويهات المظهر العام، الأماكن العامة والعناية بها، التعليم والتدريب، الحدائق العامة، الأسر المنتجة، التلاحم المجتمعي في الحيّ، مواقف السيارات، المباني التعليمية، القاعات، الفنادق والشقق، فائض طعام الفنادق والمطاعم، المتقاعدين، العوانس، الطلاق، التوفيق بين طالبي الزواج، البطالة، القرض الحسن.. وغيرها كثير.

فكّر بنفسك في واحدة من هذه القضايا، بدّل أو ادمج، أو عدّل أو كبّر أو صغّر أو طوّر، أو استخدم استخداماً آخر، أو أزل بعض الجوانب، أو اعكس أو أعد الترتيب.

ستجد أن بوابة من الحلول الإبداعية قد فتحت أمامك، وإذا استطعت أن تجعل ذلك من خلال لقاء يشارك فيه غيرك، فلا شك أن الإبداع سيكون أكبر وأجمل.

هل تريد أن نجرّب سوياً أحد هذه المجالات؟

[المباني التعليمية]على سبيل المثال، هاهي بعض الأسئلة السكامبرية:

هل يمكن إبدال المبنى من كونه فصولاً مغلقة إلى كونه مساحات مفتوحة؟
هل يمكن أن يكون التعليم في المسجد؟
هل يمكن إتاحة التعليم الرسمي في غير المباني التعليمية؟
هل يمكن دمج التعليم الصباحي مع التحفيظ للقرآن بشكل مركّز في نفس المبنى؟
هل يمكن أن نستفيد من مرافق المدرسة لإقامة برنامج رياضي أو اجتماعي للحي؟
هل يمكن الاستفادة من أحواش المدارس لتنفيذ فعاليات الحيّ أو زواجات ومناسبات أفراده؟
هل يمكن إقامة فصول تعليمية تطوعية في الفترة المسائية في نفس المباني التعليمية؟
هل يمكن أن تكون ديوانية الحي الأسبوعية في المدرسة، مع حضور الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين جميعاً في برنامج خفيف وظريف؟
هل يمكن تصغير المدارس، لتصبح مكونة من 4 أو 5 فصول فقط؟
هل يمكن أن تكون المدارس بلون أو تصميم أو ديكورات أكثر جاذبية؟
هل يمكن أن يكون بعض حوائط المبنى التعليمي مخصص للإعلانات والمواد التوعوية للحيّ؟
هل يمكن أن تتغير أشكال المباني التعليمية لتكون مباني خضراء مليئة بالمزروعات؟
هل يمكن استخدام المبنى التعليمي في الفترة المسائية ليكون مقراً للجمعيات الخيرية، وعلى رأسها (جمعية البرّ) و(لجنة التنمية) و(تحفيظ القرآن)؟
هل يمكن أن يكون في كل مدرسة طبيب عام، يراجعه أهل الحيّ؟
هل يمكن أن تكون الدراسة في 3 فترات اختيارية ( صباح– ظهر – مساء) للاستفادة من المبنى التعليمي وتخفيف الزحام؟
هل يمكن أن تكون الدراسة على فترتين بدلاً من فترة واحدة؟
هل يمكن أن يحضر أولياء الأمور عدداً من المواد الدراسية في المبنى التعليمي؟
هل يمكن أن يستضاف بعض أولياء الأمر ليحكوا تجربتهم على الطلاب والمعلمين؟
هل يمكن إقامة احتفالات سنوية لخريجي المدرسة الذين حققوا نجاحات وظيفية؟
هل وهل وهل ..
ثمّ السؤال المهم الذي يلي تلك التساؤلات : كيف يمكن أن يتم ذلك؟

هذه التجربة العجلى يمكن أن توضح لنا كيف أننا قادرون – بتوفيق الله – على أن نحقق إبداعاً واسع النطاق في واقعنا باستخدام هذه الاستراتيجية اللطيفة، فما أنت فاعل؟

دمتم بخير ،،

محمد بن سعد العوشن
@binoshan



نشرت في صحيفة تواصل من هنا

أكتوبر 25, 2017

هل اتخذت قرارك؟


نبسّط أحياناً بعض الأمور ووجهات النظر، حتى يخيّل للسامع أن المسألة من الوضوح بالمحل الذي لا يخفى، وأنه ما كان للناس أن يختلفوا في مسألة كهذه، وأن الحق فيها أبلج واضح كالشمس في رابعة النهار.
       والحقيقة أن الأمور إنما يختلف فيه الناس و تتعسر، ويصعب الاختيار فيما بينها لأن لكل رأي في المسألة حجة معتبرة، ومبرر منطقي ومعقول، ولو كانت الأمور واضحة لما التبس فيها على الناس الأمر، ولما ترددوا، وشرقوا وغرّبوا.

وقد ناقشت أحدهم ذات مرّة، حول انشغال بعض وقته بعمل بدت لي أهميته قليلة، وأوضحت له حجم الوقت الذي سيوفره لو ترك هذا الأمر وانصرف إلى ماهو أولى وأنفع.
فحدثني عن قناعته التامة بأن هذا العمل يستهلك منه وقتاً واهتماماً، وأنه همّ مراراً بتركه والإعراض عنه، وأن نفسه أميل للترك من المواصلة، غير أنه أوضح لي عن حجم ونوع الحاجة التي يسدها عمله ذلك، وقلة من يسد هذا الباب، ومعرفة الناس له، بحيث صار مقصداً لهم فيه، مما جعله يقدّم رجلاً ويؤخر أخرى في اتخاذ القرار..

وأبان أن المسألة ليست في قدرته على الحسم، قذلك أيسر مايكون، لكنّه يتأمل في حال المستفيدين، وكيف ستتقطع بهم السبل حينذاك، ثم أطلعني على عدد غير قليل من الرسائل التي تصل إليه طالبة الرأي و المساندة، ورسائل أخرى تشكر له صنيعه وتثني عليه، وتخبره بأنه بات كالواحة الخضراء في صحراء التيه، يأتي لها العطاشا فيرتوون في حر الهجير.

ثم أردف يقول : ألا زلت مقتنعا بأن أغادر هذا العمل، وانصرف لبقية أعمالي؟
فسكتّ ولم أستطع جواباً!.

وأدركت - حينها - أن ثمّة فرق كبير بين الواقع والتنظير، وأن القرارات ينبغي أن تكون وفق ملامسة للواقع، وإدراك ملابساته، وأنه جدير بنا أن نتعامل مع الكثير من القرارات بشيء من المرونة والتأمل في جوانب الموضوع كلّه.
دمتم بخير.

دمتم بخير ،،

محمد بن سعد العوشن
@binoshan



نشر في صحيفة تواصل من هنا

أكتوبر 24, 2017

رسالة خاصة لمتابعي د.صلاح الراشد


إذا كنت ممن لايعرف د.صلاح الراشد، ولا تتابعنه... فهذه الرسالة ليست موجهة لك.

وإذا كنت من الذين ينابذون د.صلاح الراشد العداوة في كل مايقوله جملة وتفصيلاً (بوعي أو بغير وعي).. فهذه الرسالة ليست لك أيضاً!

وبطبيعة الحال هي ليست موجهة للدكتور صلاح الراشد نفسه!.

فهؤلاء جميعاً ليسوا مستهدفين بهذه الرسالة الخاصة.

لكنها (رسالة محبّ)  لـ كل الرفاق الذين يستمعون لبرامج د.صلاح الراشد المسموعة والمرئية، أو ينخرطون في مشاريعه المختلفة، ويعتبرونه "معلّماً وملهماً" لهم.

أكتبها وقد تابعت واستمعت وشاهدت وقرأت له بشكل مباشر، فشاهدت سلسلة من المواسم لحلقاته المرئية على اليوتيوب، وتابعته في تويتر، واشتركت في قناته على التيلجرام، ولا زلت!
تابعته منذ مدّة غير قصيرة، تابعته متعلماً باحثاً عن المعرفة، لا متصيداً وباحثاً عن العيوب والمثالب.
وكنت - دوماً - ألوم الذين ينالون من د.صلاح الراشد، لخلافهم معه في قانون الجذب، أو البرمجة اللغوية العصبية، والتي أرى أن القول بها مقبول وسائغ بشكل عام، وإن اختلفنا اختلافاً مشروعاً في بعض التفاصيل.

وكنت - ولازلت- أرى أن بعضاً ممن يعارضون مشروعات تطوير الذات، ومنهجيات التطوير المختلفة عموماً ، ومايطرحه الدكتور صلاح خصوصاً، أرى أنهم لم يفهموها بشكل جيد، لأنهم اتخذوا منها موقفاً مبدئياً معادياً، باعتبار كل فكرة تطوير تأتي من الغرب أو من الشرق غير مقبولة.

لكنني - ومع كل مادة إضافية اطّلع عليها للدكتور صلاح -  أتيقن أني أمام انحرافات غير يسيرة، وذلك في مسائل ليست محل خلاف و لا تقبل تعدداً لوجهات النظر، لأنها مسائل حسمها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً وأتى د.صلاح اليوم ليعيد نقاشها مرة أخرى وكأنه لم ينزل بها الوحي أول مرّة!.

ود.صلاح حين يطرح هذه الانحرافات (الكبيرة)، يطرحها بكل ثقة، وربما استقطع جزءاً من آية قرآنية، أو حديثاً نبوياً فاستشهد بها ليوهم التطابق، وربما فسّرالآية بما يريد وفقاً لوجهة نظره الخاصّة، متجاهلاً بقية النصوص القرآنية التي يكمل بعضها بعضاً، ويشرح بعضها بعضاً، ومتجاهلاً بتفسيره ذلك فهم المصطفى صلى الله عليه وسلم لها، وتطبيقه للآية ، والذي - حين تتأمله- تجده ينقض كلام د.صلاح من أساسه نقضاً بيناً .

أيها الأحبة المتابعون للراشد :

إنما أوصيكم بوصية واحدة، تحقق لكم الحماية – بإذن الله - من الانسياق وراء ضلالات كبرى وجدتها، ووجدت إصراراً من الدكتور صلاح عليها..
وأتيقن أن كثيراً منكم حين مرّت عليه - لأول مرّة - أصابته قشعريرة ورهبة، فلم تقبل بها نفوسكم التي هي على الفطرة، لكنكم خشيتم مخالفة التيار الموافق للراشد المعظم له، وأصابتكم الهيبة من الاعتراض عليه.

وهذه الوصية هي :  
ليكن "القرآن الكريم" الذي هو كلام ربّ العالمين الذي لم تطله يد التحريف والتزوير، ليكن مرجعكم الأصيل، وليكن ميزانكم لكل ماتسمعون وتقرأون من أقوال.
 فكل قول أو نظرية أو فلسفة أو موقف يعرضه عليكم د. صلاح الراشد أو غيره، فاعرضوه على كتاب الله، وسنة رسوله الثابتة الصحيحة؛ فإن لم يكن فيهما ما يتعارض معه، فأنتم في القبول بكلام الدكتور أو ردّه في سعة من أمركم، ذلك.

 وحين تطبقون هذه الوصية، فلا يمكنكم أن تقبلوا بالقول الذي يجعل القرآن الكريم على نفس الدرجة والمستوى مع كتب سماوية محرّفة، أو مع كتب ألفها البشر أياً كانت منطلقاتهم وأفكارهم.

إن كلام الله تعالى لا يعدله كلام، وكل المقارنات بينه وبين كلام العباد وتحريفاتهم هو انحراف كبير، وباب ضلال عظيم.

فارجعوا - أحبّتي - إلى كتاب الله، واقرأوا تفسيره من مصادر متعددة، ولا تقبلوا أن يكون د.صلاح مرجعكم الشرعي في الاستشهاد بالنص، أو تفسيره على الإطلاق، وحتى لو قرأ البخاري عشر مرات، فذلك لا يجعله محدثاً، ولو قرأ  فتاوى ابن تيمية مراراً فذلك لا يجعله فقيهاً ولا مفسراً، فالعلم الشرعي له أصوله ومنطلقاته ومنهجياته التي لا يعرفها الراشد، إن عرفها فإنه لا يأبه بها.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
من المهم ان نتواصى دوماً وأبداً بتقوى الله وتعظيمه في النفوس، واستشعار أنه تعالى خلقنا في بطون أمهاتنا، وأخرجنا إلى هذه الدنيا لا نعلم شيئاً، ثم علّمنا مالم نكن نعلم، وكان فضل الله علينا كبيراً كثيراً.

ولتعلموا أن التعامل مع (النص الربّاني المقدّس) بهذه الطريقة التي يشير لها الدكتور صلاح في الكثير من أحاديثه : انحراف فكري غير مقبول، واستهانة بالمعاني التي جاءت واضحة في كتاب الله.

ولكم أن تتأملوا إعجاب الراشد المتناهي و تعظيمه لمقولات زيلاند، وأشباهه، ثم تقارنوا ذلك بموقفه من الأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة، لتدركوا أن القبول المطلق لكل ما يقوله الراشد، وتعظيم كلامه إنما هو تورّط في انحرافات كبيرة.

يجب أن يكون واضحاً أن كلام الله وكلام رسوله حق محض لا يشوبه الباطل.
أما كلام البشر ، فمحتمل للصواب والخطأ.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
خذوا من الراشد مفاهيمه بشأن التخطيط الشخصي، وتطوير الذات، في جوانبها الإدارية، فقد تميّز فيها وأبدع، وقد تعلمت ولا زلت أتعلم منه الكثير في هذا السياق.

وفي الوقت ذاته : احذروا من كل طرح فلسفي وعقدي يتحدث عنه، واحذرواً من كل حديث شرعي يقول به، فهو في حديثه وبشكل صريح لا يقبل التأويل : يتعامل مع (الإسلام ) كما يتعامل مع أي دين محرّف أو مذهب بشري أرضي، على قدم المساواة، وتراه يكرر عمداً ذكر الأديان، والمذاهب، وذكر الكتب باعتبارها خيارات متساوية، فلك أن تختار ما يحلو لك منها ، فكلها - على حدّ فهمه - سبل تقربك للربّ، هذا إذا اعتقدت بوجود الربّ أصلاً!

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
إن ما يظهره الراشد اليوم من ضلالات ليس بقليل، وهو يخلط ضلالاته الكبرى بمعلومات علمية صحيحة، وبحديث تحفيزي جميل، فيختلط الحابل بالنابل.
لذا فحين تستمع، ليكن استماعك بعقلية الناقد المميّز، لا التابع المستسلم.
مع العلم بأن الراشد - وفقاً لكلامه - لا يتحدث بكل ما يعتقد خوفاً من الفهم الخاطئ وردّات الفعل من جراء ذلك، فليس مايقوله هو كل شيء عنده!.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
حين يتحدث الراشد عن المسلمين، وعن العلم الشرعي، وعن العلماء وعن الدعاة، فهو يتحدث بلغة التحقير، والتهوين، والانهزامية، يلحق بهم كل ضلالة، ويلبسهم كل تهمة، وهو يعتبر (التديّن) مصيبة، ويعتبر أنه كلما زاد تديّن المرء زاد انحرافه!

أما حين يتحدث عن الغرب، بل وعن الشرق أيضاً، وعن غير المسلمين، فهو يتحدث بحديث المستلب فكرياً وعقلياً، فلا ترى إلا التمجيد والثناء والإعجاب والمدح، وأنهم هم الذي يبنون للبشرية مجداً وعزاً وعلواً، أما نحن فمشغولون بالهدم!

 وهذا الموقف الانهزامي يجعل الراشد يمارس انتقائية مقيتة، فحين يتحدث عن المسلمين، فهو يركّز على فئة ضالة منحرفة متطرفة كداعش وأشباهها، معتبراً أفاعيلها تمثيل حقيقي لكل المسلمين، وأنها تطبّق التعاليم المنصوص عليها في الكتب الشرعية، وهي فرية كبرى يقولها وهو يعلمها، فكم عدد المتطرفين، وكم عدد المسلمين!.

 أما حين يتحدث الراشد عن الغرب، فهو ينسى كل جرائمه بحق الإنسانية جمعاء، وينسى كل المخازي التي ارتكبوها، ينسى الحرب العالمية الأولى والثانية، ينسى الحروب الصليبية، ينسى محاكم التفتيش، ينسى المذابح اليومية التي تتم بدعم أو تواطؤ من الغرب والشرق في بلاد الإسلام، ينسى احتلالهم لفلسطين، ينسى أفعالهم في الشام، ينسى أفعالهم في أفغانستان، وكيف حولها صراع النفوذ بين الروس والأمريكان إلى بلد محطّم متخلف، ينسى السعار الجنسي، والشذوذ الأخلاقي، والمخدرات، والإلحاد، والفساد، واستعباد البشر، وسرقة ثروات الشعوب، ينسى أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة النووية والذرية والبيولوجية التي هي وليدة أولئك المقدسون عنده.

ينسى كل ذلك مع ضخامته وحجمه الذي لا يخفى، و يتحدث  - فقط - عن الغرب المتقدم المتميز الديموقراطي .

لذا فالدكتور صلاح يسعى بكل جهده، لنقل التجربة الغربية بهدف أن نكون نسخة منهم، فهو يطالب بالحرية المطلقة، حرية المعتقد، وحرية العلاقات الاجتماعية أياً كانت، وهو يدعو في الواقع إلى اللادينية، وإلى أن لا يحكّم الإسلام في شيء من شؤون الحياة.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
د.صلاح الراشد يتحدث عن دين آخر، ويدعو إلى دين غير دين الإسلام، إلى دين مختلق مرقّع جمّعه من مذاهب وأفكار وأديان، دين يتحرر فيه المرء من كل معتقداته السابقة ،لينتقل إلى أفكار وعقيدة الراشد، وينظر فيه بعين المساواة لكل نحلة أو مذهب، ويعتبر الإسلام أحد الخيارات - وربما الأقل مناسبة- للعيش السعيد!.

أيها الأحبة المتابعون للراشد :
ليس بيني وبين د. صلاح الراشد أي موقف، أو خلاف سابق.
ولقد اشتركت في قنواته بغية التعلم منه، والاستفادة منه، ويعلم الله أنه لم يكن لي مقصد سوى ذلك، بل وكتبت عنه مقالاً وقفت فيه أمام الذين يتطرفون في الموقف منه، ويعظّمون الصغائر التي يختلفون فيها معه، ويعدونه شيطاناً رجيماً، ولم أوافق فيه الغلاة فيه المعظّمون له كذلك..
لكنني – و أنا لازلت أستمع وأقرأ له – وجدت شيئاً لايجوز السكوت عنه، ولا يجوز لأهل العلم والاختصاص التغاضي عن هذه الانحرافات الكبرى التي يسوّق لها، ملبساً إياها بلبوس مختلف، إذ يجب التحذير منها، والإجابة عن تلك الشبهات بكلام متزن، كما أدعوهم إلى مجادلته بالتي هي أحسن، لعل الله أن يهديه سواء السبيل، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

وختاماً  : 
أيها الأخ المبارك ، أيتها الأخت المباركة..
 بحماستكم، وإيجابيتكم، وأوراحكم الطيّبة، أدعو كل واحد منكم فأقول له :

اربط حياتك ومعتقدك وأفكارك وفلسفتك تجاه الكون والحياة بالمصدر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بالمصدر الإلهي الذي هو كلام الله  الحكيم العزيز، الذي خلق الخلق، وهو أعلم بهم وبما يصلح حالهم، أعلم من كل علماء الشرق والغرب عبر العصور.
ولا يغرنّكم من يهون من شأن ذلك المصدر الفريد والمعصوم، أو يعتبره مجرد مصدر قابل للنقد، والتقييم، أويتحدث عن إخضاع ذلك النص الرباني للمنهج العلمي المزعوم.
حافظ على دينك، فهو رأس مالك، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.  

دام توفيقك، وحقق الله لك أمانيك، وأصلح لك دنياك وأخراك، وجعلك من الراشدين.

دمتم بخير ،،

محمد بن سعد العوشن
@binoshan

___________________________________
رابط للمقال السابق المنشور عام 2016م بعنوان ( صلاح الراشد بين الأعداء والمريدين)