أكتوبر 22, 2015

خداع الأرقام


في المرحلة الثانوية قررت ادارة مدرستنا  تكريم المتفوقين في المدرسة.
ولأن "الدوافير" كانوا يتركزون في صفوف بعينها و "الكسالى" في صفوف أخرى..
فقد رأت إدارة المؤسسة تغيير آلية تحديد المتفوقين، طمعا في إيقاد روح التنافس بين الطلاب في كل فصل على حدة.
فأعلنت الإدارة أنها ستأخذ أفضل طالبين من كل فصل من الفصول العشرة، بغض النظر عن مجموع درجات الطالب أو مقارنتها ببقية درجات الطلاب في الفصول الأخرى.
وتم ذلك فعلا.
وأعلنت المدرسة عن قائمة الشرف،
وأقامت احتفالاً بهذه المناسبة مع بداية الفصل الدراسي الثاني.

 سألت الطالب الحاصل على المركز الثاني في فصل أولى عاشر "فصل الكسالى والعرابجة حينها" عن نتيجته فأخبرني أنه راسب في مادتين .
أي حصل فيهما على أقل من 50% من الدرجة الأساسية!
لم يكن الطالب -في الحقيقة-  متفوقاً .. بل هو كسول ودرجاته "على الحافّة" كما يقال . بل لقد أخفق في اثنتين من المواد عن الحافة ذاتها.
وثمة عشرات متكاثرة من الطلاب يفوقونه في التحصيل الدراسي بمراحل.

 لكن السبب الرئيس الذي رفع هذا الكسول إلى لوحة الشرف، ووضع آخرين هو "منهجية الاختيار والتكريم" التي اختارتها إدارة المدرسة.
ولهذا .. فبرغم أنه في ترتيب درجاته الحقيقي يمكن أن يكون في المرتبة ( 240 من 300 طالب في الصف الأول ثانوي) إلا أن اسمه كان مكتوباً بخط جميل في لوحة الشرف الموضوعة في  مدخل المدرسة شهوراً متتالية.، إضافة لتكريمه في الحفل المقام بهذه المناسبة، وبحضور مدير المدرسة ومدرسيها وسائر الطلاب.

 من الخطأ الكبير أن يظن ذلك الطالب بنفسه ظناً حسناً فيما يتعلق بتحصيله الدراسي، أو يعتقد أنه في القمة أو قريب منها، إذ هو في الحقيقة في "الحضيض" أو قريباً منه.
ومن الخطأ أن يتوهم الطالب المذكور أنه من أوائل الطلاب في المدرسة أو متفوقيها،  فالأمر لا يعدو في الحقيقة أن يكون أسلوباً خاطئاً في التقييم. ومنهجيّة أدت لتكريم هذا الطالب الكسول بوصفه متفوقا!
مع أن قصارى حاله أن يكون من أفضل السيئين! أوكما يقال "الأعور في ديرة العميان باشا".

 هذا الخداع والتضليل الذي قامت به الأرقام حين تم توظيفها بشكل خاطئ نستخدمه نحن أحياناً !
فحين تقول قناة فضائية هادفة بأنها نالت قصب السبق وحصلت على المركز الأول في عدد المشاهدات لبثها الفضائي من خلال إحصائيات مشاهدات برنامج محدد تم بثه في 15 قناة في الوقت نفسه. مستندة في كلامها على إحصائية بعدد الاتصالات الهاتفية الواردة للبرنامج من متابعي هذه القناة مقارنة بسواها فإنها في الحقيقة تمارس تضليلاً!.

 فأولاً . الاتصالات ليست بالضرورة مقياساً للمشاهدة .  فالمشاهدون المكتفون بالمشاهدة دون اتصال هم الأغلبية الساحقة.

 وثانياً . قد لا تكون باقي القنوات الأخرى مهتمة باستقبال الاتصال على هذا البرنامج لأن لديها عشرات البرامج الناجحة، فاكتفت بعرض البرنامج كما هو دون أن تضع خطاً هاتفياً لتلقي الاتصالات في البرنامج .

 ثم إنه بالاطلاع على مجموع الاتصالات الواردة من القناة التي تزعم أنها الأولى، فستجد ان الرقم الذي حققوه هو 105 اتصال خلال عشرة أيام من البث المستمر للبرنامج.
أي 10 اتصالات يومية فقط، وهو عدد محدود لا يمكن أن تبنى على أساسه أي مقارنات ذات بال.

 كما أن عدداً بهذه المحدودية يمكن أن يتم من خلال موظفي القناة - بترتيب مسبق - بهدف تحريك الجو وإثارة الحوار فحسب.

 * إن الحكم بالتصدر لهذه القناة أو تلك، وإصدار الأحكام بحجم التعرض للقناة . وعدد متابعيها. وشعبيتها والنجاح الكبير والقبول الواسع الذي لقيته القناة - وفق مزاعم أهلها - لايمكن قياسه بمثل هذا الرقم الذي يشابه رقم صاحبنا الحاصل على "الثاني" في فصل أولى عاشر..

وقد اعجبني ما كتبه ا.رشود الخريف في مقال له نشره في "الاقتصادية" افتتحه بالحديث عن كتاب اجنبي بعنوان :  "كيف تكذب باستخدام الإحصاء" How to Lie with Statistics،
والذي أصبح من أكثر الكتب مبيعاً خلال فترة طويلة. و هو كتاب لا يهدف لتعليم الكذب باستخدام الإحصاء بقدر ما ينبه إلى الأخطاء التي يمكن أن ترتكب بقصد أو دون قصد من خلال استخدام الإحصاء والرسوم البيانية.
واستعرض رشود الكثير من النماذج في هذا السياق تجدها هنا : مقال الخريف ".

مع جزيل الشكر للزميل عبدالرحمن المطوع @boafnan الذي ارشدني لللمقال بعد ان فرغت من كتابة تدوينتي هذه.
كما اشكر أستاذي د.مساعد المحيا الذي ابان أن منهج الخداع بالأرقام تستخدمه الكثير من القنوات غير الهادفة.

اخيرا

يمكن للارقام أن تخدع كثيرين .



وكتبه /  محمد بن سعد العوشن

أكتوبر 08, 2015

همسة لرجال العمل الخيري من د.حسن شريم


حدثني صاحبي وحبيبي د.حسن شريم حديثاً جميلاً ، فأردت إشراككم إياه، إذ يقول:

في عام 1413 كنت أعمل معلماً، وكان يعمل معنا معلّم لمادة الرياضيات سوري، كبير في سنه ووعيه وتخصصه، وكان وشيك التقاعد لتوطين المكان، فطلبت منه نصيحة فكتب لي -ولازالت ورقته بخطه موجودة -أعود إليها في الذاكرة والمذاكرة.

كتب لي: "ابني حسن. تجنب أثناء عملك ثلاث:
1 - الضجة
2- الإثارة
3- الانفعال
فالضجة تكثر الحسّاد، والإثارة تفقد الأصدقاء، والانفعال يفقدك نفسك أولا"



إلى آخر ما قال في نصيحته. وكان دوماً صاحب حديث مختصر، ثم رحل المعلم عنا وانتقل بأهله.

وفي عام 1432 هـ كنت في زيارة لجمعية الشقائق بجدة، وذهبت لصلاة المغرب في المسجد المجاور، فرمقت في جنب الصف الأول الأيمن رجلاً كبيراً جالساً يصلي، فكان في نفسي أنه هو، ولما انتهت الصلاة عدت لإكمال زيارة العمل التي كنت قد بدأتها، وانتهيت منها قبيل العشاء.

حرصت على الصلاة بالمسجد ذاته، وحين صليت العشاء، إذ به في مكانه وكأنه ينتظرني.
اقتربت منه، جئت من قبالة وجهه، فإذا هو هو، قد شاخ وشاب واحدودب ظهره وقد تركنا حينها نشيطاً.

فقلت: أستاذي أبو توفيق؟
قال: نعم، صوتك صوت "حسن"، ولكن "حسن" هناك في أبها.
قلت نعم أنا ابنك حسن، فقبلته بين عينيه، وتحادثنا.
فقال لي: معذرة يا ابني، سنجلس هنا لأني لا أستطيع استضافتك، فقد ذهبت أم توفيق، ومعي ابنتاي يتعاقبان على خدمتي ولا أريد أن أشق عليهما فلعلك أن تعذرني.

ثم سألني: أين أنت الآن؟ ما فعل الله بك؟، هل وهل وهل... أسئلة أزلفها إلي متعاقبة.
فقلت له: أعمل الآن في العمل الخيري، فقد تقاعدت من الإشراف العام في وزارة التعليم لأجل هذا، فتطاول في قامته، ورفع هامته، وقال في العمل الخيري الاجتماعي لخدمة الناس؟
فقلت: نعم

قال: " يا الله، جميل هذا الختام، جميل صناعة النهاية، دائما يا ولدي نعتني بالبداية، ونهمل النهايات، فانتبه لقد هُديت لنهاية جميلة، تمسّك بها، لا تغيّرها، لا تنظر لمكانتك فيها، انظر لمكانك من نفع الناس، ولو كان الإنسان يرسم حياته لتمنى أن يموت هنا في العمل الاجتماعي الذي تقومون به، ولو بقي مني شيء لطلبتك، ولكني أنصحك بإعطائه كلك".

شكرت أستاذي على وصيته، وودعته، وانصرفت، على أمل اللقاء به في مستقبل الأيام.

ثم إنني اتصلت بابنه الدكتور محمد بعد زمن -وقد كنت درّسته في المرحلة الثانوية- سائلا عنه، لأنني جئت للمسجد فلم أجده، فأخبرني بأن الشيخ قد انتقل الى جوار ربه فرحمه الله.

وشاهدي من هذه القصة هنا:
يا من يسّر الله لهم العمل في هذا القطاع، ونالوا شرف تقديم الخدمة للناس، هذا الخير يساق على أيديكم، تمسكوا به، وأعطوه كلكم، واجتهدوا في رسم نهاية راشدة خاتمة وأنتم في خدمة عيال الله.

حكيت لكم هذه القصة لأستفيد من أجر ارتقاء هممكم، مادامت نفسي المقصرة تتراوح، فربّ مبلّغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، والمعذرة على الإطالة.



نقله لكم /  محمد بن سعد العوشن

أكتوبر 03, 2015

مشروعك القيادي للدكتور صالح المحيميد | مادة صوتية


◀هل أنت قائد؟
◀هل ترغب في تحسين الأداء القيادي لديك؟
◀هل لديك مشروع قيادي؟
إن كانت إجابتك بـ نعم  فأنصحك بالاستماع إلى الحلقات السبع من سلسلة
"مشروعي القيادي"
للدكتور صالح المحيميد
والدكتور صالح المحيميد :حاصل على شهادة الدكتوراه في القيادة من جامعة أدنبره، وصانع لمشاريع قيادية متعددة، ومدرب على القيادة.
أما  المادة فهي صادرة من مركز دراسات القيادة بالرياض.
. استمع