يونيو 26, 2015

نظام حماية الوحدة الوطنية .. بين الأكثرية والأقلية


يكثر الحديث حاليا عن الوحدة الوطنية، ويطرح البعض مسودة نظام يحميها ..
ومامن شك بأن العناية بوحدة الصف وتحقيق الوئام وإبعاد مسببات الاحتراب الداخلي يجب أن تكون أحد أهم أولويات العمل السياسي والاجتماعي والشرعي.
 ذلك أن التاريخ يثبت دوما بأن ذلكم الاحتراب والاقتتال الداخلي هو أحد اعظم المخاطر التي تتهدد اي دولة، ونتائجه كارثية دوما.
وبغض النظر عن مفردات وحيثيات النظام الذي تم رفضه في مجلس الشورى ومبرراته وهدف المتحمسين له أو ضده، فإن ثمة مسألة مهمة فيما يتعلق بـ التواجد الشيعي في المجتمعات المسلمة السنية وتداعياته، مما يوجب النظر في أصل المسألة ومن ثم مايترتب عليها من مبدأ "احترام الآخر" والحدود المنطقية لنظام كهذا.
فإن التشيع المعاصر الذي هو نسخة مشوهة من التشيع الأول للصحابي الجليل والخليفة الراشد علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه إبان افتراق الناس الى شيعة لعلي وشيعة لمعاوية رضي الله عنهم أجمعين.
باعتبار "شيعة المرء" أنصاره ومحبوه، وهو -أي التشيع الأول - أمر مقبول وضمن نطاق الاختلاف الطبيعي، وهو أشبه بالانتماءات السياسية لهذا الحزب أو ذاك ضمن نطاق مفاهيم مشتركة موحدة، ومرجعية فكرية واحدة.

لكن التشيع بعد ذلك الزمان الأول تغير وتبدل و سلك مسارات من الغلو والتطرف والانحراف جعلته ينبذ أصول الدين ومصادره ويستبدلها بأصول أخرى من لدنه، ولم يعد له من ذلك التشيع الا اسمه.

وبات التشيع اليوم  قائما في أساسه على فكرة "المظلومية" والتخوين والذم لكبار الصحابة، وبات لعن الصحابة أحد العلامات الفارقة التي تميز الشيعة عمن سواهم .
وبناء عليه فالحديث عن "تجريم نقد التشيع" باعتباره أحد مبادئ الوحدة الوطنية غير مستقيم .
إذ أن كل المسلمين - من غير الشيعة - ينظرون لكافة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة إجلال وتقدير ومحبة ويترضون عنهم أجمعين فهم أصحاب النبي و مناصروه وحملة الرسالة والوحي إلينا.

و ليس في المسلمين من يتجاوز بحق آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، أو يسبهم او ينال منهم، بل هم محل التقدير والحب، فهم "أولا" قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أوصى بهم . وهم "ثانيا"من ضمن الصحابة الذين يقر لهم الجميع بالفضل والسابقة في الإسلام والجهاد والصحبة.

أما الشيعة فإن شعائر دينهم الحالي تتضمن المجاهرة بلعن أكثر الصحابة وسبهم وشتمهم على المنابر وفي الكتب، وهذا السب يطال فيما يطال اقرب اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه، كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأرضاهم. بل وينالون من أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، ويرددون عنها ماقاله المنافقون، وماكذبه القرآن صراحة حين انزل الله براءتها من فوق سبع سماوات.
فكيف يمكن أن يقال للمسلم من اهل السنة : توقف عن الحديث عن فلان وفلان من المواطنين لأنه "شيعي" ؛ في الوقت الذي يسمح فيه لفلان هذا بالنيل من أشرف البشر بعد الأنبياء، وخير القرون؟

هل بات عرض "المواطن الشيعي" أهم واغلى من عرض أبي بكر الصديق، وهل باتت المواطنة الشيعية أطهر من أم المؤمنين عائشة؟
إن كان النيل من التشيع والشيعة ذنبا؛ فإن النيل من الصحابة كبيرة من الكبائر وجريمة عظمى لا يجوز التهاون بها أو التخفيف منها تحت ذريعة الاختلاف المذهبي.

وحين يتحدث أحدهم عن معايير لاحترام الأقلية المختلفة عنا؛ فيجب أن يتضمن الحديث هنا احترام معتقد الأكثرية، وتوقف الآخر عن النيل من دين الأكثرية.
فليس منطقيا أن يظهر المخالف احتراما لي، حقيقة أو تقية، في الوقت الذي يلعن فيه ويسب ويخون والدي وجدي واهلي وجماعتي.. والنيل من الصحابة أعظم من هذا وأكبر.

إن حال السنة مع الشيعة كحال المسلمين مع النصارى!
فالمسلمون يقرون أن عيسى رسول من عند الله ويؤمنون بأن الله أنزل معه الأنجيل وانه كان رحمة للعالمين.
كما يؤمنون بأن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ومعه الكتاب المبين الناسخ لما سواه.
بينما يجحد النصارى بنبوة محمد، والكتاب الذي أنزل معه، ولم يكتفوا بذلك بل حرفوا دين عيسى وغيروه وبدلوه، ورفعوا من قدر عيسى عليه الصلاة والسلام ومنحوه ماليس فيه، حتى جعلوه ابنا لله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
فهل يمكن ان يقال اسكتوا عن ذم النصارى في الوقت الذي ينطق فيه النصارى بكل تلك الموبقات بحق الله وحق أنبيائه؟
إن القرآن رغم تأكيده على عدم الاعتداء على المخالفين من اهل الكتاب ليؤكد على انحرافهم وزيغهم وقولهم على عيسى عليه السلام قولا عظيما ، وهي من الكثرة والوفرة في كتاب الله بحيث لا تحتاج للاستشهاد.
فكما هو شأن المسلمين والنصارى، فكذلك الشأن مع الشيعة، فإن اهل السنة  يجلون ويقدرون "جميع الصحابة وآل البيت" بينما ينتقي الشيعة فئاما محدودة من الصحابة فيبالغون في تعظيمهم ويرفعونهم فوق قدرهم، ويلعنون كل البقية.
ولا يصلح ان نعطي الدنية في ديننا فنسكت عن الحديث عن الشيعة وتجاوزاتهم إلا  سرا، بينما يذمون الصحابة ويخونون الأمة كلها التي تترضى عن هؤلاء الصحابة جهرا وعلى المنابر.

ولنتخيّل أن ضمن مواطنينا "نصارى" ، فهل يجوز لهم أن يطالبوا بالكف عن تلاوة الآيات التي تتناول النصارى ذماً وتكفيراً وتحذيراً بحجة " حماية الوحدة الوطنية"؟ بالطبع لا ، فالسكوت عنهم شيء، ومطالبتهم بإسكات الحق شيء آخر تماماً.

جدير بالذكر ان ما أقوله عن تناول  الاعتقادات المنحرفة للشيعة ولغيرهم بالذم مقتصر على "القول" تذكيرا وتحذيرا وحماية للدين من تشويهاتهم الكبيرة.
أما التعدي على المخالف "بالفعل" والنيل منه وإيذائه جسديا بالضرب، او القتل، أو التفجير ، أو إيقاع المظالم، أو أخذ الأموال، أو التعرض للنساء، او ماسوى ذلك من ألوان العدوان فهو أمر محرم شرعا، وتجاوز مرفوض، لا يمكن السكوت عنه ولا تبريره ولا التسامح معه.
بل يجب إدانة ذلك سرا وعلانية، وردع المتجاوزين بأشد العقوبات، وعدم التهاون في ذلك.
فنقد المذهب المنحرف شيء، والاعتداء على أتباعه شيء آخر.

ويمكنني تشبيه الأمر ب "الربا"، فالحديث عنه وتجريمه وبيان خطره، واجب شرعي لا يجوز السكوت عنه وبذلك جاءت نصوص الشريعة.

أما الاعتداء على البنوك الربوية، و اتخاذ أي إجراء فعلي للإضرار بالأموال او الممتلكات أو الأشخاص، فتجاوز مرفوض، وافتئات على سلطة ولي الأمر.

ولهذا أوكد مابدأت به حديثي من أهمية عدم السماح للأقلية بالتجاوز تجاه الأكثرية أيا كانت الذرائع.
 وخاصة مع الضجيج الكبير الذي يفتعله بعض الشيعة اليوم في محاولتهم استغلال احداث تفجيرات الغلاة الدواعش لمساجد الشيعة في الخليج من اجل انتزاع الاعترافات من المسلمين بصحة معتقداتهم أو تصديق "مظلوميتهم"، والسعي لإسكات الأصوات التي تحذر من خطرهم في الإعلام المرئي والإعلام الجديد، ومحاولتهم فرض حصار فكري للأكثرية التي هي على ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه واهل القرون المفضلة.

إن المحافظة على سلامة المخالف من الاعتداءات رغم كل انحرافاته أمر مطلوب ومتفق عليه، وحصر العقوبات التي يتم إيقاعها في الجهات الرسمية المخولة بذلك، ويجب ردع أي متجاوز لهذا.  
كما أن التحذير من انحرافات المخالف وتلبيساته وبيان أفاعيل أتباعه هنا وهناك أمر مطلوب كذلك، وهو واجب شرعي لا يجوز منعه او تجريمه.

اسأل الله ان يحفظ بلادنا من مضلات الفتن، ومن مسببات الفرقة والشتات.
وأن يديمها آمنة مطمئنة، ويبقيها منبرا للإسلام عبر كل زمان ومكان.


مقال : اوقفوا نزيف الدماء السنية / الشيعية



بقلم /  محمد بن سعد العوشن

يونيو 25, 2015

قصيدة | مصابكم شيخنا-والله-أضناني

تعرض الدكتور مالك الأحمد ( الإعلامي المعروف) لحادث مروري عام 2008 م ، فصدمت لما علمت بالخبر، واطمئننت على سلامته، وفاضت القريحة بهذه الأبيات الخمسة .

مصابكم شيخنا-والله-أضناني
والخوف حل بقلبي حين وافاني

لكن عزائيَ أن الصبر شيمتكم
على النوازل، مقرونا بإيمان

ماصابكم لم يكن يوما ليخطئكم 
فذي المقادير قد خطت بإتقان

قد خطها الله في الألواح من أزل
فاهنأ بعيشك لا تشغل بأحزان

قديدفع الله بالبلوى شقيقتها
ويجلب الله مكروها بأثمان

يونيو 19, 2015

مختارات من حكمة القيادة من الراهب الذي باع سيارته الفيراري


* اذا تحليت بالصبر في لحظة الغضب، فستجتنب مئات الأيام من الأسى.

* المديح مجاني.
وقد يحرك المديح الصادق الجبال ويشعل ثورة في مؤسستك بأكملها. ولن يكلفك مليما



* على القائد ان يتصيد السلوك الجيد

* امدح التقدم وكافئ النتائج .. تصيد الجيد وليس الممتاز من السلوكيات واجعل الناس يشعرون بالاثارة حيال تحسناتهم.

قواعد في المديح الفعال:-
* ان يكون مديحا محددا
* ان يكون فوريا
* ان يكون على الملأ
* ان يكون صادقا
* ان يتسم المديح بصبغة شخصية باستخدام اسم الممدوح في التعليق الإيجابي.

* المديح مهم لكن تقديمه باسترسال يقلل من قيمته.

* معظم الناس يأوون إلى فراشهم كل ليلة وهم جوعى، جوعى لقليل من التقدير الصادق والاحترام.

* في المنظمات .. القيمة الحقيقية تكمن في موظفيك وقدرتهم على مساعدتك في توضيح رؤيتك الكبرى للمستقبل.

* اربع عناصر للنجاح المضمون
الانضباط
التركيز
الصبر
المثابرة

* الثبات الاحمق هو غول العقول الصغيرة
رالف إيمرسون

* اللين ينتصر على الشدة والمرن دائما يعلو على الصلب وذلك هو مبدأ التحكم بالأشياء بمسايرتها.
لاو تزو

* الرابح في هذا العصر .. هو من يتعلم أكثر

* تتم مكافأة الأشخاص في عالم التجارة والأعمال وفق القيمة التي يضيفونها إليه

* افرغ مافي محفظتك من اموال في عقلك، وسوف يملأ عقلك محفظتك بالأموال ويبقيها ممتلئة الى الأبد.

* امن الانسان في الحياة ينبع من القيام بشيء ما بشكل جيد للغاية.

* تطوير الموظف استثمار وليس تكلفة

* يأتي النجاح الدائم فقط عبر تطبيق ماتعرفه ووضعه قيد الممارسة.

* غذ عقلك دوما بأفكار عظيمة فالمرء لايسمو أبدا فوق مايفكر فيه.

* مستوى نجاحك سوف يتلخص في :-
1. الانشطة والمبادرات التي اخترت الاركيز عليها.
2. الاشخاص الذين اخترت ان تحيك نفسك بهم.
3. الفرص التي اخترت ان تستغلها
4. الكتب التي اخترت قراءتها


* القيام بالأمور ذاتها كل يوم لن يثمر عن نتائج جديدة .. ولتغيير النتائج يجب عليك تغيير الأمور التي تقوم بها وتغيير الطريقة التي تقود بها .


مختارات من الصفحات الواقعة بين هذين الرقمين"128 - 171"

بقلم /  محمد بن سعد العوشن

يونيو 13, 2015

أسفار | الرحلة الفردية لتونس البهية


 اتخذت قراري بالسفر للاسترخاء والسياحة للجمهورية التونسية بعد جولة على مواقع السفر و منتديات المسافرين
ومنذ تلك اللحظة بدأت تصفح موقع بوكينج ثم مواقع الحجز للطيران .. ثم حجزت وقطعت التذكرة وحجزت السكن والسيارة ، وانا خلال ذلك كله أحس بأنه تجتاحني مشاعر من الرهبة والقشعريرة!
وكنت أتجاهل تلك المشاعر ولا أظهرها.
حتى حزمت أمتعتي مساء الخميس.. ولم أنم جيدا فقد كان القلق سيد الموقف..
وزادت تلك الرهبة مع رؤيتي لتونس من الطائرة، وذلك لإقبالي على مغامرة مختلفة كليا..
بلد لم ازره قط ولم أجلس مع من زاره،
بلد كان يعيش في مرحلة من القمع والبوليسية ضد كل ماهو إسلامي،ويمارس ليبرالية استئصالية متطرفة..
بلد لا زال في مخاض ثورة شعبية أطاحت بالرئيس الأسبق ولازالت أوضاعه لم تستقر والدولة العميقة باقية رغم مايزيد على 4 سنوات من الثورة.
ثم إني تجرأت ولم أحجز بالعاصمة، بل حجزت سكنا بمدينة أخرى تبعد عن العاصمة أكثر من ساعة بالسيارة،
و حجزت سيارة لأقودها من المطار لتلك المدينة.
 وانا لا ادري عن الإجراءات في التأجير والقيادة ولا عن سعر الوقود ولا اعرف المكان و لا الطرق الا من خريطة جوجل ووصف موقع بوكينج للمكان.
وهاهنا يكمن لون من الوان البهجة.
متعة الاكتشاف .. متعة المغامرة.. متعة الخروج عن ما اعتاده الناس.
كانت لحظات من السعادة المشوبة بالرهبة .. تذكرني برهبة الخطبة، ورهبة الرؤية الشرعية، ورهبة ليلة الدخلة.. حيث تختلط مشاعر الرغبة والرهبة بشكل كبير.
لكن بصراحة .. لا قيمة للحياة الرتيبة المكررة..
فالحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء.

اقلعت من الرياض على الخطوط القطرية الساعة 4 فجرا
هبطنا بعدها بساعة في الدوحة ومكثنا في الدوحة ثلاث ساعات ونصف .. قضّيتها في التجوال بالمطار ابتداء..ثم في مطعم  تناولت فيه كروسانا وابريقا من الشاي المغربي استعدادا لزيارة احد بلدان ذلك المغرب.
اقلعنا في 9.00 صباحا متجهين لتونس.
و وصلناها في الثالثة عصرا بتوقيت السعودية.  الواحدة ظهرا بتوقيت تونس.
ذلك أن الوقت هناك اقل بساعتين عن السعودية.

هبطت الطائرة بسلام في مطار متوسط الحجم فيما بدا لي، وعند الجوازات تلكأ العسكري المختص، وتساءل عن سر قدومي!
وحين أجبته بأنني سائح، انتظر قليلا ثم اخذ جواز سفري إلى مديره. ثم ناداني المدير ليسالني عن عملي وعن هدف الزيارة ومكان السكن ، فاخبرته بأنني مشرف تربوي سابق و أن هدفي من المجيء السياحة وأريته  "حجز السكن" بمدينة "الحمامات".
فتش الجواز صفحة صفحة وأطال تقليبه..
ثم اعاده إليّ.
رجعت انا والعسكري للكاونتر مرة أخرى، ثم ختم الجواز معتذرا عن التأخير بسبب اشتباه في شخص آخر!
اوضحت له ان من حقهم اتخاذ الاجراءات المناسبة دون حرج فالأمن مسؤولية الجميع، وبدون الأمن ماكنت لآتي لهذا البلد.

تجاوزت الجوازات للتفتيش ثم للعفش.
ثم خرجت ابحث عن شركة التأجير التي سبق لي حجز السيارة عن طريقهم،اقرأ اسماء شركات التأجير .. ولم أجد لهم أثرا، فسألت أحد الشركان فاخبرني الموظف بان هذه الشركة ليس لها مكتب بالمطار وان مكاتبهم داخل العاصمة !!
رجعت لسجل الحجز لاتثبّت فاذا مكان تسليم السيارة مطار قرطاج الدولي وهو المطار الذي نزلت فيه. فأخبرت الأخ بذلك فطلب مني تفقد المندوب ضمن الواقغين أمام بوابة القدوم..

عدت أدراجي إلى حيث بوابة وصول المسافرين.. متلفتا في اللوحات المحمولة.... فاذا اسمي مع احدهم فقصدته وعرفته بنفسي ، رحب بي وخرجنا سويا لمواقف المطار لاجد السيارة بانتظاري باجراءت سهلة ولطف وصدق.
قمت باكمال دفع باقي قيمة الإيجار باليورو، وتم تصوير وثائقي بالجوال ثم خرجت بالسيارة وحدي.
كان مندوب الشركة وصاحبه في سيارة أخرى.. فسالته عن الطريق الأقرب للحمامات فأشار ان اتبعني.. فتبعته حتى إذا وصلنا الى احد مفترقات الطرق توقف مشيرا الى الوجهة المقصودة.

مضيت في الطريق ذاته متتبعا اللوحات التي لا تكاد تختفي ففي تونس لا يمكن أن تتعثر في الوصول لمدينة من المدن إذ اللوحات الإرشادية في كل مكان باللغة العربية.
وبعد ما يقارب الساعة وصلت للمدينة المقصودة،وبقي الوصول للفندق..فكنت اتوقف واسأل ولم تكن الإجابات دقيقة،لذا تهت قليلا قبل أن أصل أخيرا.



حين وصلت الوجهة المقصودة في مدينة الحمامات ..
دخلت الفندق وأريتهم الحجز في جوالي.
فاعطوني غرفة بسيطة وجميلة ..لكنها تطل على أرض خالية قفر! فطلبت تغييرها لاطلالة خضراء فقد شبعت من منظر الصحراء عامي كله، فكان لي ذلك،إذ تم نقلي إلى غرفة لطيفة تطل على حديقة أنيسة بجوار المطعم ..

نزلت الفندق الاول تلك الليلة ثم مددت البقاء ليومين آخرين، واخذت فيها حماما مغربيا او قل تونسيا، وساعة من المساج..
وفي اليوم الرابع غادرت الفندق متوجها لفندق آخر في مدينة الحمامات وجدت الثناء عليه بموقع البوكينج.

لبثت فيه يومين اثنين .ومن شاطئه ركبت الطيران بالبارشوت مسحوبا بالقارب في جولة مهيبة تحلق فيها عاليا بسهولة وتهبط بمثلها ..

 ولم يكدر صفو هذه المغامرة إلا خلل يسير في كرسي الجلوس مما جعلني طوال هذه المغامرة متعلقا بيدي وجسمي أشبه بالمتدلي مما أجهدني ولم أصل لليابسة إلا ويداي لا تكادان تقويان على المواصلة  .
مدخل قرية قربص

ودعت مدينة الحمامات بعد هذه الأيام الخمسة و يممت نحو "قربص" وهي على بعد ساعة الا ربع شمالا .. وصلتها وتوقعتها مدينة فإذا بها قرية صغيرة تتميز بوجود المياه المعدنية الحارة ويقصدها الناس للعلاج و الاسترخاء بهذه المياه، بالاغتسال والتدليك والمساج والطين والحاكوزي وحمام البخار.
 أمضيت فيها ساعتين فحسب، استمتعت بالماء الساخن الذي كان يؤدي دور المساح  من خلال ماء مضغوط يتم رشه على سائر  الجسم فتشعر بوخزاته اللذيذة،واعتبرته كغسيل "البستم" للسيارة.
وبعد الانتهاء، خلعت ملابس السباحة ولبست ملابسي وودعت قربص،متجها نحو العاصمة تونس.

وكنت أنوي التوجه في العاصمة لحي قديم كثيرا ما تحدث عنه السواح، وهو حي سيدي بوسعيد.
لم تكن الاحداثيات للحي المقصود "سيدي بوسعيد" واضحة لي،وكنت أسير بناء على الحدس. فضلا عن بعض الهواجيس.. والنشيد..
و وجدتني وأنا مستمر في طريقي قد خرجت من العاصمة ودخلت الطريق السريع المتجه لمدينة بنزرت الواقعة شمال تونس، فلم أشأ الرجوع بعد أن قطعت هذه المسافة، واستعنت بالله وقررت المواصلة لبنزرت وتغيير خط السير.

فـ (بنزرت) أحد الوجهات المقترحة والتي كنت أنوي زيارتها، وبعد أربعين كيلا من تلك "الضيعة" وصلت للمدينة، وتجولت بها بسيارتي ثم اقتربت من احد الفنادق وشبكت على شبكة الواي فاي الخاصة به ..ثم بحثت عن مسكن مناسب فوجدت فندق الاندلس، فحجزت فيه ليلة، وحين وصلت اكتشفت بأنه عبارة عن شقق وليست غرفا..
كانت شققا متباعدة، ذات مدخل مستقل عن الفندق، لكنني كنت قد حجزت، فدخلت الشقة وأمسيت بها تلك الليلة، وهممت بالبقاء يوما اخر حيث حدثني موظف الاستقبال عن غابات خضراء وشلالات بالجوار تدعى "راس جبل"، لكنني أجلت ذلك لحين الاستيثاق من هذه المعلومات على أرض الواقع،  وحيث لم اعثر على شيء يستحق البقاء في جولتي الصباحية فقد لملمت متاعي وخرجت منها قافلا نحو العاصمة مرة أخرى.

وصلت العاصمة، وتوجهت لسيدي بوسعيد حيث قرأت عن مقهى العالية ومقهى الشبعان، وحين وصلت إلى تلك المنطقة الشعبية كان مطلوبا مني إيقاف السيارة والوصول لتلك المقاهي وماجاورها سيرا على الأقدام.
دخلت القهوة العالية واخترت موضعا مطلا على الحي، وطلبت شايا باللوز لأنني قرأت إحداهن تثني عليه ثناء مبالغا فيه .. ولم يكن فيه زود!
كما ان الشاي عندهم كله بالسكر وباءت محاولاتي لطلب شاي دون سكر بالفشل.
لم يكن المكان مثيرا كما تحدث كتاب المنتديات، ووجدت اسم المقهى وصيته أكبر منه.
قهوة العالية بسيدي بوسعيد

والأمر نفسه بالنسبة لمقهى الشبعان.
تجولت في المنطقة الأثرية قليلا واسواق المنتجات الشعبية، ولم أجد شيئا مثيرا..
ثم ذهبت بسيارتي إلى شاطئ غير بعيد فجلست عليه ساعة مصطحبا معي كتابي مع أصوات الأمواج وهي تضرب الشاطئ ساعة حتى قبيل الغروب.

دخلت العاصمة من جديد،  وقمت بالطريقة ذاتها أبحث عن فندق.. ووجدت فندقا باسم فندق افريقيا وحين وجدت الغرف متاحة أجلت إجراء الحجز لحين الوصول للفندق للاطمئنان على جودة المكان..
وصلت الفندق ،وحين سألت موظف الاستقبال عن السعر تفاجأت بان سعر الليلة 400 درهم .. بينما كنت قد وجدتها في بوكينج قبل قليل ب180 درهم!
طلبت منه دخولا على الانترنت وحجزت عن طريق الموقع وفعلا تم السكن بالسعر الأقل.
تجولت في المنطقة المجاورة على أقدامي، قبل ان اتناول عشاء تونسي في مطعم مجاور، وهو يشابه المطبق في حشوته، ويشابه المصابيب في طريقة صنعه، مع اختلاف نسبي اذ تحتوي على حشوة من البيض والجبن واللحم المفروم والشطة وكأنها المطبق المعروف في بلادي .

وللحديث صلة إن راق لكم ماسبق



بقلم /  محمد بن سعد العوشن